إنه يقول الحقيقة بشفافية وهو واقعي إلى حد كبير، فيسمي الأشياء بأسمائها دون وعود براقة لأنه يعي تماماً أن المرحلة التي يترأس فيها هذه الحكومة هي من أصعب المراحل التي يمر بها لبنان المحاصر بالفتن الإقليمية.
فعندما يؤكد رئيس الحكومة تمام سلام أنَّ الوضع غير مريح والحالة لا تنبىئ بانفراجات جديّة فهو محق في هذا، فلا يطلق وعوداً في الفضاء طالما أن ليس هناك شيء ملموس يوحي بإنهاء الأزمات اللبنانية قريباً وخصوصاً ما يتعلّق بملف الجنود المخطوفين وملف انتخابات الرئاسة...
وقد استطاع الرئيس سلام بعد حوالي عشرة أشهر على عمر الحكومة أن يتجنّب الكثير من المطبات السياسية والأمنية وتمكّن بهدوئه المعروف من تهدئة الأجواء داخل مجلس الوزراء، فأطال عمر حكومته التي كاد عقدها ينفرط من كثرة الملفات الخلافية بدءاً من مسألة انتخاب رئيس للجمهورية وملف الجنود المخطوفين وصولاً الى الملفات الغذائية والصحية الداخلية إضافةً إلى موضوع الأمن الداخلي وملاحقة المخلين بالأمن...
ومن حسن حظ هذه الحكومة أنْ جاء الحوار بين طرفين أساسيين في البلد، حزب الله والمستقبل ليعطي لها جرعة إضافية لتستمر مهامها وإنْ بدت في مراحل معينة ضعيفة ولا حول لها ولا قوّة..
وهذا الحوار الذي بدأ من شأنه أن يعكس داخل هذه الحكومة مزيداً من الإرتياح والأجواء الهادئة، وهو أيضاً سينعكس إيجاباً على الوضع الداخلي بحيث يصعّب على الجماعات التكفيرية أنْ تنفذ الى الساحة اللبنانية لتضرب هنا أو هناك. ولا يعني أن تسترخي القوى الأمنية الساهرة على أمن البلاد وأن الجماعات التكفيرية ستقف متفرجة، لا بل إنها ستسعى الى خربطة هذه الأجواء إنْ استطاعت...
من هنا يأتي كلام سلام بأن الوضع غير مريح، في ظلّ إصرار من المجموعات التكفيرية التي لا تعيش إلا على خلاف الآخرين على التسلسل مجدداً على الساحة الداخلية ويأتي قبض الجيش اللبناني على مشتبهين في عرسال واللبوة قبل يومين وممن يعملون لصالح هذه الجماعات ليكون دليلاً آخر على أنّ الوضع في لبنان يحتاج الى مزيد من التحصين الأمني والسياسي والإجتماعي...
أمّا ما يتعلق بموضوع الرئاسة اللبنانية فليس لدى سلام معطيات توحي بأنّ هذا الملف هو في طور الحلحلة لاسيما. وأنّ الصراع الدولي والإقليمي بين الأطراف المعروفة ما تزال انعكاساته تفرض نفسها على لبنان ومنها ملف الرئاسة على أمل أن يأتي العام 2015 ببوادر تسوية.