مؤخرا تم نشر تقارير تتحدث عن ضخامة عدد قتلى النظام السوري: " فقد أكد بيان إحصائي نشره المرصد السوري على موقعه الإلكتروني، يقول فيه أن أكثر من 120 ألف جندي لنظام بشار الأسد والمليشيات التابعة له قد قتلوا منذ بداية الحرب في سوريا فيما سقط مؤخراً لـ«حزب الله» 91 قتيلاً خلال الأشهر الخمسة الأخيرة، وفي إحصائيته ذكر المرصد السوري أيضاً أن عدد قوات النظام وقوات الدفاع الوطني والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية، وعربية وآسيوية ومن الطائفة الشيعية الذين قتلوا ارتفع إلى 10949 ...كما تم نشر تقرير آخر قالت فيه: "إليزابيث هوف ممثلة منظمة الصحة العالمية إن مليون شخص أصيبوا خلال الحرب الأهلية السورية وإن الأمراض تنتشر جراء عدم وصول إمدادات الأدوية للمرضى في شكل منتظم. وقالت هوف لـ «رويترز» في مقابلة أجريت معها، إن الانخفاض الشديد في معدلات التطعيم من 90 في المئة قبل الحرب إلى 52 في المئة هذا العام وتلوث المياه أضافا المزيد إلى ويلات السوريين وتسببا في انتشار التيفوئيد والتهاب الكبد الفيروسي الوبائي. وقُتل أكثر من 200 ألف شخص في النزاع السوري الذي بدأ في آذار (مارس) عام 2011...".. هذا هو المشهد الصعب والخطير والمؤلم للمواجهة التي تخوضها الثورة السورية مع عصابات الأسد ومن يتحالف معه.. الذي تصفه تقارير متعددة، ومع ذلك نرى من حزب الله إصراراً بالغاً على استمرار الانخراط في هذه الحرب ..؟؟؟

جراء هذه الآرقام والخسائر الفادحة والتراجعات المستمرة على كافة الجبهات التي يعاني منها نظام الأسد ومن يتحالف معه ويدعمه، فقد بدأت ملامح غضبة شعبية تكاد تصبح ثورة في أوساط الطائفة العلوية التي تهيمن على السلطة في سوريا، والتي يدفع ابناؤها ثمن بقاء الأسد على كرسي الرئاسة او السلطة المتداعية والتي توشك على الزوال...والسقوط.. لذا بدا أمراً طبيعياً بل واقعياً ما تم حصوله من أحداث ونشره على نطاق واسع، من أن يخرج متظاهرون شبان وشابات من أبناء الطائفة العلوية عن صمتهم، ويهتفون في عقر دار النظام ضد بشار الأسد، ويدعون لإسقاطه، إن هذا لا شك يعتبر تطوراً بارزاً على صعيد الحراك في محافظة اللاذقية التي  كانت تعد الحصن الحصين للنظام، وخاصةً أن هذا التحرك يأتي بعد حملات تندد بنظام الأسد الذي زج الطائفة في حرب مع سائر مكونات الشعب السوري من أجل بقائه على كرسي السلطة والرئاسة... "وأكد نشطاء أنه وللمرة الأولى منذ اندلاع الثورة، سجل تحرك منظم للعلويين في شارع العريض بمدينة طرطوس، حيث خرجت مظاهرة في المدينة دعت إلى إسقاط رموز النظام ولاقى تحرك المتظاهرين العلويين ملاحقات واعتقالات من قبل عناصر أمن النظام، وتم اقتياد بعض ممن ألقوا القبض عليهم إلى فرع المخابرات العسكرية في طرطوس... ومن الأشخاص الذين تم اعتقالهم واقتيادهم إلى فرع المخابرات العسكرية: "المحامي علي حماده, وفادي حيدر، وربيع علي، ومايا عبود، وسوسن عبود، وحلا ابراهيم، وآخرين، وفقاً لنشطاء" ..وبرزت حالة التململ العلوي هذه في صفوف المدنيين جراء ارتفاع أعداد القتلى من المدن الساحلية على جبهات القتال مع الثوار... حيث سقط  آلاف القتلى من الضباط العلويين منذ اندلاع الثورة السورية، بينهم ضباط من رتب عالية، وسط أنباء عن مقتل أكثر من 8000 ما بين ضباط وعناصر من مدينة جبلة وحدها. كما تشيع مدن الساحل يومياً عشرات الجثامين لعناصر وضباط قتلوا في أماكن متعددة من سوريا، لترتفع معها حدة الانتقادات من قبل ذويهم الذين باتوا يفقدونهم واحدا تلو الآخر... وكان نشطاء من الطائفة العلوية أطلقوا حملة "صرخة" ضد بقاء بشار الأسد في الحكم واستنزاف أبناء الطائفة في حرب الدفاع عنه المستمرة منذ أكثر من 3 سنوات... وحملت المنشورات التي رفع بعضها أشخاص لم يظهروا وجوههم في الصور المعروضة عبارات مثل "الكرسي لك (الأسد) والتوابيت لأولادنا!" و"الشارع بدو(يريد) يعيش"...(أ.ه)

كما قد شعرت قيادات وقوى مثقفة في الطائفة العلوية بخطر الاحتلال الإيراني على سوريا وعلى وجود وحضور ودور الطائفة نفسها  نتيجة تدخل قوى وميليشيات من إيران وافغانستان والعراق ولبنان، لذا فقد بدأت تتلمس سبيل الخروج من هذه الحرب التي تطال شباب الطائفة ومستقبل الطائفة واستقرارها وانسجامها مع بقية مكونات المجتمع السوري... كما ان إجرام نظام الأسد وحلفائه قد بدأ يرفع من حدة ووتيرة التطرف في الساحة السورية ورفع شعارات طائفية ومذهبية اعطى الصراع على السلطة في سوريا ابعاداً خطيرة.. فإذا كان هذا هو حال الطائفة العلوية المهيمنة والمسيطرة على السلطة التي بدأت تشعر بقرب سقوط الأسد ونظامه وبضرورة الخروج من هذا النفق المدمر وضرورة التفاهم مع الشركاء في الوطن.. لوقف هذا النزف البشري والاقتصادي.. فما هو حال جمهور حزب الله الذي يدفع هو ايضاً اثمان باهظة من خيرة شبابه لحماية نظام متداعي لا علاقة للبنان به، فقد نشر نشر مركز الدراسات الأوروبية خارطة توضح أن سيطرة النظام السوري هي على أقل من 29% من الأراضي السورية...فإذا كانت ميليشيات النظام وشبيحته رغم الدعم الروسي والإيراني والميليشيات الهجينة القادمة من الخارج لتقاتل إلى جانبه، غير قادرة على اعادة السلطة لنظام الأسد والسيطرة على الأراضي المحررة بل هي على العكس من ذلك تخسر اراضٍ وعناصر إلى جانبه بوتيرة يومية ... فما الجدوى من استمرار المشاركة في تلك الحرب وخسارة المزيد من الشباب...فهل سيرسل حزب الله كل عناصره ومن يؤيده من جمهوره الذي يخسر كل يوم قتلى وجرحى ومفقودين واسرى، للقتال إلى جانب نظام ديكتاتوري خاسر بدأت ارهاصات سقوطه بالظهور حتى ضمن طائفته وبين مؤيديه، وما قام به رستم غزالي مؤخراً من حرقٍ لقصره المنهوب من مال الشعب اللبناني، إلا خير دليلٍ على أن قادة هذا النظام قد قطعوا الأمل من النصر والبقاء في السلطة، بل حتى في العودة إلى منازلهم التي أشادوها على جماجم الشهداء والمظلومين والأيتام والارامل...؟؟ ماذا ينتظر هذا الجمهور ليتظاهر وليقول لإيران وقادة حزب الله كفى توريطاً لفئة من الشعب اللبناني في هذه الحرب المدمرة.... وزجاً بالجيش اللبناني في مواجهة خاسرة، تماماً كما بدأ الشعب السوري يتحرك وينتفض حتى في المناطق العلوية رفضاً للصراع والحرب.. وأخر تحرك كان في مدينة مصياف في ريف حماة عقب الهجوم على مطار دير الزور العسكري لأن معظم شبان هذه المدينة يخدمون مع الوحدات النظامية في ذلك المطار الذي يوشك على السقوط..؟؟ رغم أن الصراع صراعهم والسلطة سلطتهم..؟؟؟ فهل جمهور حزب الله وقادته اكثر ملكيةٍ من الملك نفسه..؟؟؟؟

هذا التورط والانغماس في الحرب السورية وصراعات المنطقة أدى إلى ان تبرز حالات اخرى خطيرة بدات تسري داخل هيكلية حزب الله وحتى بين جمهور مؤيديه والمتعاطفين معه.. إذاً ما الذي يجري داخل بيئة حزب الله وتنظيمه الذي يبدو انه بدأ يتآكله هذا الصراع المفتوح ...؟؟

-          إن ارتفاع نسبة قتلى حزب الله وجرحاه على الساحة السورية يتسبب بأزمة إجتماعية خطيرة من تزايد عدد الأرامل والأيتام، وما ينبغي تأمينه من متطلبات كثيرة مادية ولوجستية لإعالة هذه العائلات وتأمين احتياجاتها مع ما يتسببه هذا الواقع من أزمات نفسية تصيب النساء والايتام وتهدد مستقبلهم ودورهم الطبيعي في هذا المجتمع...كما ان الجرحى الذين أصيبوا ويصابوا بعاهات جسدية سوف يشكلون او ان بعضهم قد شكل بالفعل أزمة اجتماعية حقيقية مع ما يجتاجونه من رعاية طويلة تمتد مدى الحياة وهم في واقع الأمر سبب لمعاناة عائلاتهم وذويهم الذين يرون فيهم كل يوم خسارة وتضحية كان من الممكن تجنبها لو لم يتدخل حزب الله في سوريا بناءً على طلب إيران وقيادتها...

-          مع هبوط سعر برميل النفط والحصار الاقتصادي الأميركي والغربي الهادف لتجفيف منابع رعاية ودعم كافة القوى التي تعتبرها متطرفة بما فيها حزب الله، فإن القدرة المالية لحزب الله بدات تعاني من هبوطٍ في أصولها وفي قدرتها على تسديد كافة متطلبات القتال وتداعياته الاجتماعية، وحتى إيران نفسها إلى جانب روسيا، وهي دول وليست أحزاب، بدات تعاني من الأمر نفسه..كما ان المؤسسات التي أقامها سابقاً حزب الله بهدف سد هذه الثغرة، بدات تعاني من الأزمات والمشاكل، ويتردد كثيراً معلومات وإشارات عن فسادها وضياع اموالها وعن اغتنام بعض القائمين عليها الفرصة لتحقيق مكاسب مالية ضخمة لصالحهم الشخصي ومغادرة لبنان نهائياً مما يعني ان الفساد قد بدأ يسري داخل هذا الجسم الذي كان حديدياً فيما مضى نتيجة شعور هؤلاء بأن الأمور لن تستمر على ما كانت عليه في السابق، كما ان الدعم العراقي الذي كان يصل حزب الله إبان عهد حكومة نوري المالكي قد توقف واخبار الفضائح المالية تتوالى في العراق وبعض هذه الفضائح المالية كانت وجهتها لبنان كما ذكرت مصادر مختلفة...؟؟ إلى جانب ما يتم نشره رسمياً عن الفضائح المالية لبعض المقربين من قيادات ونواب لحزب الله.. فضيحة الدواء المزور التي اتهم بها شقيق النائب محمد فنيش.. وصناعة حبوب المخدرات التي اتهم بها شقيق النائب حسين الموسوي، وشبكة سرقة السيارات التي اتهم بها الشقيق الآخر للنائب حسين الموسوي أيضاً.. وغيرهم كثير...من المسؤولين الذين تم فصلهم نتيجة تلاعبهم بالرواتب والمصاريف والنفقات..؟؟؟ او استغلالهم لقوة حزب الله على الساحة السياسية والأمنية لتحقيق مكاسب شخصية لهم وللمقربين منهم...

-          مع ازدياد الغارات الإسرائيلية التي تستهدف مستودعات ذخيرة لحزب الله ومنشأت تخزين خاصة به في سوريا، ومع امتناعه عن الرد أو عدم قدرته ينكشف ضعف حزب الله وتخوفه من فتح جبهة جديدة موازية لتلك التي في سوريا، ولكن هذه الغارات كشفت اخطر ملف بدأ حزب الله يستشعر ضرره بل خطورته وهو اختراق اجهزته وقياداته من قبل الموساد الإسرائيلي وبالتأكيد يبدو ان هناك اختراقات من قبل مخابرات أخرى، إذ كيف تصل للكيان الإسرائيلي هذه المعلومات الدقيقة..؟؟ وما كان يتحدث عنه نصرالله وبعض قيادات حزب الله عن لقاءات تعقد بين بعض اللبنانيين ومسؤولين في السفارات الغربية في مطاعم مختلفة على الاراضي اللبنانية من باب اتهام حزب الله لهؤلاء بالعمالة وعدم الوطنية... قد بدأ حزب الله يعيشه ويعانيه ولكن بخطورة أعلى وأهم.. فملف العميل الأخير الذي تم نشر بعض فصوله وليس كلها من قبل بعض وسائل الاعلام عن ان قيادياً رفيع المستوى قد تم ضبطه داخل صفوف حزب الله بتهمة العمالة لإسرائيل يشير إلى ان المفهوم والالتزام العقائدي بين نخب حزب الله وقادته قد بدأ ينهار ويضعف بل ولم يعد يشكل رادعاً او مانعاً لهؤلاء من التورط في شبكات العملاء لخدمة العدو ومشاريعه ومخططاته....وهذا يجري ويحدث بسبب تحول أولويات حزب الله من مواجهة إسرائيل وإفشال عدوانها ومخططاتها، إلى العمل في الداخل اللبناني وتجنيد شباب وعناصر فاسدة (سرايا المقاومة ) لمراقبة قوى الداخل التي يتهمها بالعمالة والتورط في محاربة مشروع المقاومة وإيران..؟؟؟

إن تغير الاولويات كما ان اتباع سياسة التحريض والاستعداء جعلت كل شيء مسموح ومباح ومتاح..ثم كان التوجه إلى سوريا للقتال وغيرها من الدول وصولاً إلى زرع شبكات وخلايا نائمة وأخرى يقظة في اميركا الجنوبية وشرق آسيا وإفريقيا واوروبا.. ودول الخليج.. أفقد هذا الحزب مصداقيته بخروجه عن المباديء التي انطلق على اساسها عام 1982... ثم إن غياب القيادات التاريخية وسقوط بعضها اغتيالاً او في معارك سوريا، دفع إلى الواجهة قيادات جديدة تستعجل حصاد الثروة والشهرة والمناصب والمواقع، وهذا ما عانى منه حزب الله خلال الانتخابات النيابية عام 2009، حين اضطر لتغيير بعض الوجوه النيابية لصالح وجوه شابة رأت ان لها الأولوية والحق في تبوأ مواقع ومناصب رسمية قبل فوات الآوان.. ثم إن حالة الترف والبذخ التي تحدث عنها نصرالله قبل فترة طويلة زادت من حدة التنافس والبغضاء بين بعض هذه القيادات.. وهذا ما أشار إليه التقرير الأخير عن العميل الذي تم اعتقاله مؤخراً.. حيث تمت الإشارة إلى انه هو من عرض خدماته على الموساد مقابل أجر مرتفع...؟؟؟

إن وضع حزب الله السياسي والعسكري والأمني والإقتصادي الحالي، لا يحسد عيه ابداً.. ووضع الراعي الإيراني لا يطمئن حزب الله وجمهوره على الإطلاق وخاصةً عائلات الضحايا والمصابين القلقين على مستقبلهم ومستقبل أبنائهم وأراملهم.....لذا فالدعوة إلى الحوار والانخراط فيه خيار لا بد منه لحزب الله مهما حاول التعالي والتظاهر بأنه مطلب الفريق الآخر لا مطلبه او رغبته...؟؟ كما أن تورطه المباشر في سوريا يجعل من معاناته تتفاقم يوماً بعد يوم ولا بد لجمهوره من ان يتحرك إن لم يكن اليوم فغداً على وقع الخسائر المتوالية والانسحابات المتواصلة والهزائم الكبيرة التي يصاب بها النظام ومن معه.. لذلك فإن مطالبة حزب الله بالخروج من سوريا ليست اليوم مطلباً دولياً على الاطلاق.. حتى انها لم تعد رغبة مطروحة على بساط البحث لأن الانخراط اكثر في عمق الأزمة السورية يزيد من اعباء هذا الحزب وخسائر جمهوره ومعاناته وفاتورة إيران المالية والمادية .. التي من الصعب تسديدها وتغطية نفقاتها...ليصبح قرار الخروج من سوريا قرار جمهور وطائفة وليس بناءً على رغبة حزب الله ومرجعيته الإيرانية...