إتسمَت العلاقات الإيرانية اللبنانية منذُ انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية بمراحل متقلّبة حيث شهدت في البداية توتراً انتهى الى انقطاع، ثم عادت الأجواء الى طبيعتها، ومن ثم عادت لتتأزم في ظل أجواء إقليمية خطيرة. وبعدها تأرجحت هذه العلاقات بين التأزم والفتور إلى أنْ استقرت بعودة العلاقات الى دفئها وحرارتها حتّى أنّه في ظل الخلافات القائمة واتهام الجانب اللبناني لإيرانَ باستخدام حزب الله لبسط نفوذها في المنطقة كان الإيرانيون يمتصّون هذه الهجمات الإعلامية ويبردون الأجواء بسلاستهم المعروفة... أما الجانب اللبناني فكان دائماً حادّاً في مواقفه وآرائه فهو نسي أنَّ في السياسة لا بُدَّ من أن تترك بينك وبين خصمك شعرة معاوية حسب ما يقال إذا صح التعبير... وإيران اليوم تريد أن تطمئن لبنان الرسمي الخائف منها دوماً ولا يخاف من إسرائيل وأصدقائها العرب الذين يؤذون لبنان كل يوم بألف طريقة وطريقة، وبعضهم تخلى عنه في أزمة جنوده المخطوفين، وتبرأ من قضيته علماً أنه كان أوّل مَن موّل هذه المجموعات بالمال والسلاح...
إذاً الإيراني يتعامل مع لبنان بذكاء كبير، عرض عليه السلاح بلا مقابل واللبنانيُّ يتمنع كما تأتيه التعليمات والإشارات الدولية... وها هو الإيراني اليوم في لبنان يدق أبوابنا الرسمية مقدماً كل الدعم فيما حكومتنا تتدلل فهي لا تريد أنْ تحرج من المجتمع الدولي ونسيت أن الإحراج كلُّ الإحراج بموقفها السياسي والعسكري الضعيف في أزمة مخطوفيها..
فماذا جنى لبنان من هذه السياسة؟ وهل عوّضت عليه الدول الأخرى بالسلاح والمواقف؟ لمَ لا تعمل الحكومة وفق مصلحتها أو على الأقل تناور لكي تحصل على ما تريد، أليست الدبلوماسية هي أن أُكثِر من حولي الأصدقاء حتى اذا اشتدت عواصف الأزمات فلا أكون وحيداً؟
إنه الغباء اللبناني الذي لا يفكرُ إلا آنياً ومرحلياً فيما الذكاء الإيراني يسجّل في مرمانا كلّ يوم هدفاً بعيد المنال ويحيك سياسته على مهل كما يحيك سجادة بتأنٍ وصبرٍ وحكمة، فأين نحن من ذلك؟