ليست روسيا وإيران وفنزوييلا فحسب، بل إن الدول العربية المصدرة للنفط، أيضاً يحترقن في نار أشعلتها المملكة السعودية برفض اقتراح تخفيض حجم الإنتاج، بغية وقف تهاوي أسعار النفط.
وخلافا لروسيا التي لديها مئات الميليارات من احتياطي العملة الأجنبية هناك بعض الدول العربية الخليجية كما الجزائر، لا يقدرن تحمل سقوط سعر النفط إلى ما وصل إليه خلال الأسابيع الأخيرة.
يقال بأن المحادثات بين وزراء النفط المطالبين بتخفيض حجم الإنتاج وبين النعيمي أدت إلى المشادات الكلامية، وعلى وجه التحديد يقال أن وزير النفط الفنزويللي كان أكثر الوزراء حماساً في الضغط على السعودية، ولكن السعودية لم تكف عن سياستها الإستفزازية، التي من المرجح أنها تستهدف اقتصاد روسيا أولاً وفي الدرجة الثانية إيران، اللتان كانت تتوقعان أسعاراً فوق ثمانين دولاراً للبرميل وفق موازنتهما للعام المقبل.
وما لم يفكر فيه السعوديون هو أن تلك السياسة، لم تحجب ثقة أعضاء أوبيك بالسعودية وتضرهم فحسب، بل إن هناك دول نفطية خليجية تتضرر، من تدني أسعار النفط، أكثر مما تتضرر إيران، أو روسيا.
وإذا تأقلمت إيران مع العقوبات النفطية التي قلصت حجم تصديرها إلى الربع، أو روسيا سوف تتمكن من تجاوز تلك الصعوبات، فما ذا يملكه الدول الجارة للسعودية من أمثال البحرين والكويت والإمارات أو الجزائر سوى النفط؟
وهذه الحقيقة شجعت إيران على انتهاج سياسة هاوية الهاوية في مواجهة الإبتزاز السعودي، فبادرت بإعطاء خصومات تفوق الخصومات السعودية، لأنها ترى أن هكذا تصرفات غير عقلانية لا يعالج إلا بنفس الطريقة.
تقول المملكة السعودية إن تدني أسعار النفط سيخرج النفط الصخري من دور الإنتاج حيث إن تكاليف إنتاجها باهظة مقارنة بالنفط الطبيعي، بينما كانت خلال السنوات الماضية تعتبر الأسعار، عادلة، سواء كان سعر البرميل، 80 دولاراً أو 90 أو 110 أو 130 و140دولاراً وكأن الأشعرية الجبرية كانت تحكم على عقلية الدولة، حيث إنهم كانوا يعتبرون أي سعر للنفط، عادلة، أما الآن، اختلف الأمر، فيبدو أنهم يرون بأن السعر العادل هو دون المائة، كما ألمح بذلك علي النعيمي. ألم يكن النعيمي يعرف خلال الأعوام الماضية بأن إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، سوف يجعل النفط الطبيعي أمام منافس قوي يفرض عليه سقفاً سعرياً جديداً؟
فلما ذا لم تبادر السعودية بما بادرت إليه اليوم، في السنوات الماضية، من أجل صرف الأمريكيين من الاستثمار في مجال إنتاج النفط الصخري؟