تكشف جهات أمنية رسمية أن الوضع في شبعا وبلدات العرقوب لا يدعو الى القلق جراء المعارك والتطورات العسكرية في الجانب السوري وان لا فرصة في تمدّدها الى الاراضي اللبنانية لاعتبارات عدة، يقع في مقدمها ان الاسرائيليين لن يفسحوا في المجال امام حدوث هذا الأمر، إضافة الى الاجراءات التي اتخذها الجيش اللبناني في تلك المنطقة.
ولا يخفي متابعون تحسب "حزب الله" والقوى الحزبية التي تنشط في فلكه لامكانية تقدم مسلحين الى الربوع اللبنانية وان ثمة احتياطات جرى اتخاذها ومضاعفتها بدءاً من تلال البقاع الغربي في راشيا وصولاً الى شبعا.
وبات من الواضح انه في حال تقدم هذه المجموعات الى العرقوب فان الاهالي سيستعيدون صوراً من مشاهد حضور الفصائل الفلسطينية في الثمانينات من القرن الفائت وان اسرائيل ستكون اول المتضررين في حال انفلات الوضع في المنطقة الممسوكة من الجيش و"حزب الله".
وفي الايام التي تلت التطورات العسكرية الاخيرة في طرابلس التي وضع الجيش خلالها قبضته على أحياء المدينة والمواجهات العسكرية في جرود عرسال، جرى حديث عن "خلايا نائمة" في العرقوب من لبنانيين وسوريين، الا ان المعطيات كشفت ان تضخيماً يسلط الضوء عليه عند التطرق الى هذه الخلايا، وان الأهالي حتى لو التقى بعضهم في تأييد "الثورة السورية" والتماهي مع اهواء المسلحين يعرفون سلفاً ان الاتيان بـ"الدب الارهابي" الى ربوعهم سيتحول كابوساً على حياتهم اليومية في بيئة مختلطة على الصعيد الديموغرافي. ولا يزال درس عرسال ماثلا أمام الجميع.
ويتابع المعنيون وفي مقدمهم "حزب الله" ما يحدث في الجانب السوري المتاخم للعرقوب ولاسيما بعد سعي تنظيم "داعش" الى التوسع نحو الجولان في اتجاه بلدات درزية وسنية ينشط مسلحو "جبهة النصرة" وفصائل أخرى في عدد منها.
وكان للدروز الذين يعيشون في الجزء المحتل رد واضح على المسلحين وقيادتهم يضاف الى اعلان رفض ابناء الطائفة إقامة شريط درزي يعمل تحت الامرة الاسرائيلية بادارة ضباط من ابناء الطائفة.
وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط تطرقا الى هذا الطرح وانعكاسه السلبي على سوريا ولبنان. وجاء جواب جنبلاط بالرفض من البداية، وهذا ما ابلغه الى عدد من المشايخ والشخصيات الدرزية المؤثرة في الداخل السوري وغير الميالة في الاساس لإنشاء هذا الشريط.
ثمة عامل آخر ادخل الاطمئنان في نفوس ابناء العرقوب هو مضاعفة الجيش حضور وحداته في المراكز الذي ينتشر فيها والتي يوليها العماد جان قهوجي عناية خاصة بسبب قربها من شريط المعارك السورية، فضلا عن ان اي تطورات ساخنة في العرقوب تعين "بوابة النار" ستفتح على اسرائيل التي تعرف قيادتها خطورة وقوع هذا الأمر. وقد كبست على "الضوء الاحمر" في الايام الاخيرة بعد تقدم مجموعات من "الدولة الاسلامية" في القلمون وصولاً الى الجزء المحرر من الجولان انطلاقاً من حضور مقاتليها في درعا وضواحيها.
وللدلالة على ذلك تتابع أجهزة استخبارات البلدان المشاركة في "اليونفيل" تطورات الوضع في العرقوب وهي تسأل تباعاً ماذا سيفعل "حزب الله" في حال تدفق اعداد من المسلحين الى بلدات مرجعيون وحاصبيا، وكان رد مرجع أمني على السائلين ان "الوضع في العرقوب جيد وحزب الله مرتاح الى ما يجري للمجريات في المنطقة على غرار اطمئنانه على حال بئر العبد في قلب الضاحية الجنوبية ويعرف الاسرائيليون هذا الامر جيداً".
وأخذ المرجع اللبناني زميله المسؤول في جهاز أمني أوروبي الى ضفة أخرى، عندما سئل عن مخيم عين الحلوة، وكان رده: "عليكم بالتنبه الى داعش وعناصره من الارهابيين الذين يعودون من ساحات القتال الى بلدانكم الاوروبية وعواصمها".
ولا يزال مخيم عين الحلوة تحت أعين القوى الأمنية على مدار الساعة مع تطوير مساحة التنسيق والتعاون وتبادل المعلومات الأمنية بين الجيش والفصائل الفلسطينية الفاعلة وصولاً الى مجموعات منضوية تحت مظلة "الشباب المسلم" وبعضهم مطلوب للقضاء اللبناني.
وقد عقد اجتماع في المخيم لهذه الفصائل بمختلف تلاوينها عقب الحادث الاخير الذي وقع بين شبان من "سرايا المقاومة" وعناصر من "شعبة المعلومات" في قوى الأمن الداخلي في محلة التعمير المحاذية لعين الحلوة الاسبوع الفائت وسط سعي الجميع الى عدم تمدد شرارته الى قلب المخيم.
وفي منتصف الاجتماع تلقى الحاضرون اتصالاً من شخصية أمنية رسمية يعلن فيه شكره لمبادرة المشاركين ولم يستثن الإسلاميين أنفسهم، الامر الذي ترك ارتياحاً في صفوفهم.
وفي المناسبة لا يخفى فلسطينيون في عين الحلوة استياؤهم من بعض ممارسات العناصر المنضوية في صفوف "سرايا المقاومة" التي ينشط افرادها ويقيمون في تجمعات واماكن متاخمة لعين الحلوة ومن بينهم فلسطينيون.
ووصلت هذه الشكوى الى مسامع ضباط في الجيش وقيادات في "حزب الله"، الذي ستحل "السرايا" بندا في حواره مع "تيار المستقبل"، وسيناقش الاخير دورها في صيدا والبقاع وكل المناطق المحسوبة سياسياً على "التيار الازرق".
ويكرر قياديون فلسطينيون سواء كانوا في حركة "حماس" أم حركة "فتح" وسواهما السعي الى تحييد عين الحلوة وبقية المخيمات عن أي صراع عسكري وانهم على استعداد كامل لمواصلة الحوار الذي نسجوه مع السلطات اللبنانية السياسية والأمنية وزيادة حجم الثقة بين الطرفين وتعزيز المناخ الايجابي وعدم الانجرار الى أي فتنة.