مرة اخرة تعود تونس الى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس الجمهورية الذي سيتولى ادارة شؤون البلاد للسنوات المقبلة، وبذلك تستكمل تونس مرحلة الانتقال الديمقراطي بانتظار اعلان النتائج بشكل رسمي واختيار الحكومة الجديدة.
وبغض النظر عن الفائز في هذه الانتخابات، مع ان المعطيات الاولية تشير لفوز القائد السبسي، فان المهم هو حصول الانتخابات والتنافس بين مرشحين فازا باكبر عدد من الاصوات في الجولة الاولى.
قد يكون هناك ملاحظات عديدة على تفاصيل عملية الانتخابات، كما قد تكون هناك ملاحظات عميقة بشأن عودة الشعب التونسي لاعتماد خيار من الحقبة الماضية وعدم استكمال الثورة الشعبية اهدافها باقامة نظام جديد لا تتحكم فيه مؤسسات النظام السابق، لكن المهم الان ان الشعب التونسي اعتمد الخيار الديمقراطي في الاختيار ولم يلجأ الى العنف او القوة.
صحيح ان النظام الديمقراطي ليس هو النظام الكامل على الصعيد السياسي ، لكنه حاليا هو من الانظمة الاقل سوءا على صعيد تحديد خيارات الناس وادارة شؤونهم.
وبالمقابل لم ينجح الاسلاميون حتى الان بتقديم نظام بديل ناجح، بل ان الاسلاميين نجحوا حينما استفادوا من الديمقراطية والعلمانية كما حصل في تركيا او حينما دمجوا بين النظام الاسلامي والديمقراطية كما حصل في ايران او اعتمدوا الديمقراطية كما حصل في ماليزيا واندونيسيا، وفشل الاسلاميون عندما حاولوا اعتماد خيارات اسلامية غير مناسبة لطبيعة الناس كما حصل في افغانستان وكما يحصل الان تحت حكم داعش والدولة الاسلامية.
وكلما ابتعد الاسلاميون عن الديمقراطية وعن المحاسبة والشفافية وحكم الشعب الحقيقي كلما انتشر الفساد والظلم كما يحصل في العراق والسودان ودول اخرى.
قد لا تكون التجربة التونسية هي التجربة المثالية وقد يشوبها الكثير من الاخطاء والاشكالات وقد لا تكون الديمقراطية هي الخيار الوحيد لنا من اجل ادارة شؤون بلادنا ولكن حتى الان هي الخيار الاقل سوءا ولذا علينا اعادة درس هذه التجارب ودراسة كل التجارب الاسلامية في الحكم وخصوصا في العصر الحديث من اجل ان نختار ما يناسبنا والمهم ان نعترف اننا حتى الان لم نقدّم النموذج الصحيح وان الادبيات الاسلامية حول الحكم والادارة وشؤون المجتمع بقيت نظريات مثالية ومجرد شعارات غير واقعية ولذا علينا ان نتعلم من تجارب الشعوب ونعود لكي نبحث كل الافكار والاطروحات كي نصل الى ما يرضي الله ويحقق مصالح الناس في التنمية والعدالة وحماية حقوقهم الطبيعية.
قاسم قصير