ابع عضو «اللقاء السلفي» في لبنان الشيخ وسام المصري وساطته، أمس، في جرود عرسال سعيا وراء الحصول على تعهد من «جبهة النصرة» وتنظيم «داعش» بوقف قتل العسكريين، بما يمهد لانطلاق مفاوضات جدية بين الدولة اللبنانية والخاطفين، وتحديد المطالب والشروط بشكلها النهائي لكي يبنى على الشيء مقتضاه.
وكان الشيخ المصري انتقل، صباح أمس، الى جرود عرسال بالرغم من الأوضاع الأمنية المتدهورة، ومن عدم حصوله على تكليف رسمي من قبل الدولة، وذلك انسجاما مع ما قاله رئيس الحكومة تمام سلام بأن «من يريد المساعدة أو فعل الخير لا ينتظر تكليفا رسميا من أحد».
ويؤكد المصري لـ«السفير» أن «ما نقوم به هو واجب ديني وإنساني من أجل الحفاظ على أرواح إخواننا العسكريين، ونحن مستمرون في وساطتنا حتى النهاية، ونأمل أن يوفقنا الله في ما نسعى الى تحقيقه».
ويقول المصري: «لقد تجاوزت كل الخطر الأمني القائم في الجرود سعيا لمتابعة مهمتي التي ما تزال تنبع من مبادرة فردية من أجل إنقاذ العسكريين، وقد كنت موعودا بكثير من الايجابيات لكن ظروفا قاهرة حالت دون ذلك. لكننا في كل مرة نزور فيها جرود عرسال ننجح في الحصول على مزيد من الوقت بعدم التعرض للعسكريين، وقد تسلمت أمس فيديو على هاتفي».
وفي الوقت الذي تؤكد فيه مصادر أمنية مطلعة أن الأجهزة اللبنانية المعنية تتطلع الى ما يقوم به المصري بايجابية لكنها تنتظر أن يحقق أمورا ملموسة على الأرض، نجح الشيخ المصري أمس في إقناع قيادات «داعش» بالسماح له بزيارة العسكريين المخطوفين، حيث اطلع على أوضاعهم وشاهد الظروف السيئة التي تحيط بهم والتي تنعكس سلبا عليهم، وهي المرة الأولى التي يسمح فيها تنظيم «داعش» لأي كان بزيارة العسكريين، ما أعطى نوعا من الإشارات الإيجابية التي ما تزال تحتاج الى كثير من العمل والجهد لتطويرها.
لكن المصري لم يحقق فعليا على الأرض أي إنجاز ملموس كما كان موعودا قبل أيام، باستثناء لقائه مع العسكريين وإعطاء المزيد من الوقت قبل القيام باعدام أي منهم، وهذا من شأنه أن يصعّب من مهمته أمام الدولة اللبنانية التي تنتظر حصوله على «دفعة إيجابية على الحساب» تؤكد قبول الخاطفين بوساطته وتدفع الدولة الى اعتماده وتكليفه الاستمرار في هذا الملف.
وما حصل عليه المصري هو الطلب منه التوجه الى مخيم عائلات العسكريين في ساحة رياض الصلح لكي ينقل استياء الخاطفين من مواقف التيارات السياسية التي ما تزال تدعم استمرار تواجد «حزب الله» في سوريا.
وأكدت معلومات خاصة لـ «السفير» أن المصري طلب من قيادات «داعش» إعطاءه تعهدا بوقف قتل العسكريين، لكنه لم يحصل على جواب من الخاطفين الذين اكتفوا بتمديد المهلة، ووعدوه بتقديم بعض الايجابيات بعد أن يعقد مؤتمره الصحافي في ساحة رياض الصلح.
وتتخوف مصادر إسلامية مطلعة من أن يكون الخاطفون يتبادلون الأدوار ويسعون الى ترويج مطالبهم إعلاميا عبر بعض المشايخ المتحمسين الذين يعدونهم بامكانية نجاح مهماتهم التفاوضية الهادفة الى الافراج عن العسكريين، وبالتالي يسعون من خلالهم الى الابقاء على حضورهم الاعلامي، كما يتحكمون بطرقات لبنان عبر دفع الأهالي الى التحرك.
وتلفت هذه المصادر الانتباه الى أن الوضع الأمني في الجرود لا يؤشر في الوقت الحالي الى إمكانية إجراء مساع تفاوضية هادئة، فبغض النظر عن القصف السوري العنيف بشكل يومي، هناك معارك يقودها تنظيم «داعش» من أجل إجبار «جبهة النصرة» وسائر الكتائب المسلحة الأخرى على مبايعته، وهناك معارك ضارية تدور حاليا في الجرود المطلة على المناطق السورية مع «الجيش الحر»، وهي مرشحة للانتقال الى المناطق التي تتواجد فيها «جبهة النصرة».
وترى هذه المصادر أن رغبة «داعش» في إيجاد حل سريع لملف المخطوفين وتهديدها اليومي بتصفيتهم في حال وصلت المساعي الى طريق مسدود، مرده الى أن التنظيم يريد أن يتفرغ الى معركته مع الفصائل المسلحة الأخرى ليتمكن من السيطرة الكاملة على الجرود من الجهتين اللبنانية والسورية.
مؤتمر صحافي
وعند التاسعة ليلا وصل المصري الى ساحة رياض الصلح حيث اجتمع بالأهالي ووضعهم في أجواء جولته في جرود عرسال، ثم عقد مؤتمرا صحافيا قال فيه: «توجهت الى عرسال بمبادرة شخصية ولم أكلف لغاية الآن من قبل الدولة، وشاهدت العسكريين المحتجزين وجلهم بصحة جيدة ومعنوياتهم مرتفعة بعض الشيء، لكن ذبيان يعاني من التهابات في أذنه ووهبي يعاني من التهابات شديدة من رجله».
وأشار المصري الى أن «الدولة الاسلامية مستاءة وغاضبة من الحكومة ومن حزب الله ومن كل التيارات السياسية التي تدعم استمرار حزب الله في قتاله في سوريا».
«داعش» تهدد الحريري وجعجع وجنبلاط
سلّم تنظيم «داعش» الشيخ المصري في جرود عرسال، أمس، فيديو يظهر فيه مسلحون من «داعش» يضعون السكاكين على رقاب ثلاثة عسكريين لبنانيين ويتحدّث أحد المسلحين بالفرنسية موجّهاً رسالة «إلى حلفاء فرنسا في لبنان»، الحريري وجعجع وجنبلاط، قائلاً: اسمعوني جيداً.. «الدولة الاسلامية» هي اليوم في حالة حرب ضد «حزب اللات»، الذي يتدخل في شؤون المسلمين في الشام، والذي قتل نساءنا واطفالنا. انتم حتماً مجرمون، ولكنكم اضفتم اليوم الى جرائمكم، جرائم جديدة، من خلال تعاونكم مع «حزب اللات»، ومن خلال تحويلكم الجيش اللبناني الى مجرد دمية في يد «حزب اللات»، من خلالها يستهدف اهل السنّة.
انتم اذاً المسؤولون الوحيدون عن مستقبل مواطنيكم. مصيرهم، حياتهم او موتهم، رهن بقراركم.