المجزرة الرهيبة التي ارتكبتها حركة طالبان –باكستان في احدى مدارس بيشاور وادت الى سقوط حوالي 130 ضحية معظمهم من الاطفال والمعلمين والمعلمات لا يمكن وصفها الا باحدى نوبات الجنون لدى بعض من يدّعي التحدث والعمل باسم الاسلام والمسلمين.
فما جرى في باكستان وما يجري في اليمن والعراق وسوريا ومصر وليبيا من عمليات قتل وتفجير وما جرى في استراليا ودول اخرى ،كل ذلك يؤكد ان حالة الجنون والهيستريا عند بعض المسلمين وصلت الى مستوى لم يعد بالامكان السكوت عنها لا دينيا ولا انسانيا ولا حقوقيا ولا اخلاقيا.
فليس هناك في الدين الاسلامي ومبادئه واخلاقياته وقواعد الحروب التي ارساها ما يفسّر او يبرّر ما جرى في مدرسة بيشاور.
فأي ذنب للاطفال حتى لو كانوا اولاد ضباط في الجيش الباكستاني كي يقتلوا؟ واي ذنب للمعلمين والمعلمات حتى لو كانوا يدرّسون في مدرسة يشرف عليها الجيش الباكستاني؟ واي ذنب لبقية الطلاب من غير اولاد العسكريين؟ وهل هكذا تخاض الحروب ويتم الرد على عمليات الجيش الباكستاني؟
اسئلة عديدة يمكن طرحها من يعد هذه المجزرة الرهيبة وفي ظل ما يجري في كل المنطقة من عمليات قتل واجرام، ونحن امام مسؤوليات كبيرة كي نعرف لماذا وصلنا الى هنا ومن يتحمل المسؤولية عن توليد هذا التطرف والجنون الاسلامي ان على مستوى الفكر او الفقه او الممارسات.
لقد صدرت بيانات ادانة من شخصيات وهيئات اسلامية ودينية وسياسية ، لكن البيانات لم تعد تكفي، والمؤتمرات لم تفد شيئا لوقف هذا الجنون والارهاب وعمليات القتل.
فالاوضاع تتطلب حراكا مختلفا بدءا من العلماء والقوى والحركات الاسلامية والدول التي رعت وساهمت في نشوء حركات التطرف والارهاب.
العالم الاسلامي والعربي يحتاج اليوم الى وقفة نقدية والى ورشة عمل متكاملة بدءا بالأنظمة الديكتاتورية والقمعية والفاسدة وصولا للعلماء والمدارس الفكرية والفقهية والحركات التي تشجع على التطرف والعنف والقتل وتقدّم التبريرات لذلك، ومن ثم لمؤسسات المجتمع المدني والمفكرين والمثقفين ووسائل الاعلام وكلهم ينبغي ان يراجعوا مواقفهم وسياستهم كي يعرفوا اذا كانوا يساهمون بنشر العنف والتطرف ام لا؟ ومن ثم للاجهزة الامنية والعسكرية التي يجب ان تراجع ادائها وتحاسب نفسها على ما قامت به من اعمال شجّعت فيه التطرف والعنف؟ وصولا الى الدول الكبرى والاقليمية كي تقف بوجه الظلم وتمنع استمراره لان الظلم يسبب التطرف.
وفي الختام العالم الاسلامي بحاجة اليوم الى العقلاء كي يقفوا بوجه هذا الجنون الاسلامي الذي يأكلنا جميعا قبل ان يأكل الاخرين.
قاسم قصير