صدر حديثاً العدد 176 (2014 م) من مجلة "المعارج"، وهي شهرية متخصصة تعنى بالدراسات القرآنية وحوار الأديان والثقافات، وعنوان هذا العدد: المرجعية المؤسسة: النهج – المبرات – الرسالة. صاحبها المشرف العام الشيخ حسين أحمد شحادة.
يحوي هذا العدد: إضافة إلى الافتتاحية بقلم الشيخ حسين أحمد شحادة، تصدير، مقدمات، المرجعية المؤسسة: مميزات المنهج الفكري والفقهي للسيد فضل الله، فقه الحياة، الرباني المجدد/ لقد خسرته النجف/ المرجعية الباقية، حضور لا يمحور الغياب: تكامل العروبة والإسلام في فكر السيد فضل الله/ محمد حسين فضل الله المرجعية الإنسانية/ السيد فضل الله نبراساً يشع على مر الأجيال، مع سماحة العلامة السيد علي فضل الله خطوات على درب الوحدة والتقريب، منبر التوحيد والجمعة، من ندوات الفقه والتفسير، من حدائق الأخلاق، مع نداءات التجديد والحوار، حوارات في الفكر والدين والسياسة مع سماحة العلامة السيد علي فضل الله، المبرات: وسنابل الخير والعطاء، من وصايا المرجع العلامة محمد حسين فضل الله، من مكتبة المعارج، شهادات ورسائل وسراج الكلمة.
وجاء في الافتتاحية، من باب زينب إلى أبواب مؤسساته الخيرية والاجتماعية والثقافية كان السيد محمد حسين فضل الله يستلهم الخير كله من كفالة اليتيم في مبراته من حاضنة الأيتام الأولى: عقيلة بني هاشم، وليس خافياً أن السيد الذي انتصر لزينب الرسالة قد توّج اجتهاداته الفقهية من أجل الانتصار لقضية المرأة المجتمع والإنسان متخذاً من جوار المقام المبارك مقراً لإقامته وحوزته ومكتبه فيما ابتهالاته تواسي زينب القارئة بحزن عينيه على واقع إحصاءات الأمية في المجتمع العربي ثم لا ينفطر قلبه إلا على أجيال لا تقرأ ولا تكتب.
في قصيدته الأخيرة" "أي عمر وأي ذات" كان يدلنا على طريق ذات الشوكة لتفهم جدل العلاقة بين المعرفة والمسؤولية بعيداً عن منازع حب الترف وحب الحياد الذي استشرى عند بعض المتلكمين باسم الدين من أولئك الذين استحبوا الأبراج العاجية على صحبة الفقراء والمساكين ومكابدة الكدح من أجل عالم أفضل لا مكان فيه للحقد والعنف وسفك الدماء.
صحيح أن خسارتنا كبيرة بثلمه لا يسدها شيء بعد غيابه غير أن مرتجى الأمل من بعده من خلال امتداد شجرته الطيبة وحمّل هذه الأمانة الرشيدة إلى السيد علي فضل الله وجميع أبنائه وتلاميذه بالاستمرار على هذا النهج بالقيم الأخلاقية والجهاد والمجاهدة لحماية أوطاننا وسيادتنا وكرامتنا بثقافة المقاومة التي تستمد شروط قوتها من إشرافات وحدتنا بوصفها المشروع الاستراتيجي لكل ما يواجهنا من تحديات النهوض وتحديات الاحتلال.. حيث بناء الإنسان الإنسان هو الضامن الوحليد لسلام الحاضر والمستقبل. ويا ما علمتنا أيها السيد بأن التآخي المسيحي – الإسلامي هو من أفضل وجوه المقاومة عبر بنيان مرصوص عابق بميثاق شرف المواطنة وحب الوطن. لا مستقبل لأمة لا تنعتق من ظلموت الفتن العمياء والتدين الأعمى الرازح بطقوس لا تمت إلى جوهر الدين بصلة.
كذلك صاغ راحلنا الكبير خشوع صلاته على سجادة أزهرت بالعمل الصالح في دروب السبعين من عمره وهو الذي لم يعرف معنى الفراغ قط لأنه كان مشغولاً بالعطاء الذي لا يكف عن محبة الناس بغضب الدفاع عن آلامهم.
بلى وحسبك أيها الرباني العالم أنك أيقظت في المدى العربي والإسلامي فكرة الحاجة الدائمة إلى إنتاج المعرفة المهمومة بمواكبة الدين للزمن المفتوح أبداً على الأسئلة الجديدة. وحسبنا من بعدك في يوم الوداع اللقاء أنك تركت جيلاً من الدعاة الواثقين بأن الحقيقة الحقيقة التي نبحث عنها جميعاً هي بنت الحوار. وحسبك أن يتوحد لبنان كله والعرب وأحرار العالم خلف نعشك، ليشهد لك التاريخ بانك استنهضت وحدتنا حتى وأنت المحمول على الأكف بجنازتك.