لا حاجة لنعي خلية الازمة الوزارية التي أنشئت قبل اربعة شهور لمتابعة ملف العسكريين المخطوفين لدى «النصرة» و«داعش»، فالخلية نعت نفسها بنفسها واثبتت عجزها عن التوصل الى حلول او حتى انصاف الحلول لملف الاسرى العسكريين، على حد قول مصادر متابعة للملف، جل ما انجزته اجتماعات يتيمة يغلفها الحزن ويسيطر عليها الوجوم، خصوصاً ان الخلية غالباً ما تجتمع على اثر اعتصامات او عند وقوع الإعدامات، اذ لم يسجل ملف العسكريين، اي اختراق او تقدم بل تراجع الى الوراء وتعثر ينتهي بعد التأزم بلجوء الارهابيين الى خيار الاعدام.
فعلى الطاولة نفسها التي يجلس اليها الأمنيون «قائد الجيش ومدير المخابرات والمدير العام لأمن العام « والسياسيون وزير الدفاع سمير مقبل ووزير العدل أشرف ريفي تتشابه الوجوه في اليأس نفسه والعجز في كل مرة تقدم «النصرة» و«داعش» على تصفية احد العسكريين تضيف المصادر، وقد كان مشهد اجتماع الازمة في السراي الحكومي عشية اغتيال الشهيد علي البزال «فاقعاً» ولا لبس فيه نعم الخلية ولدت ميتة وبعبارة اخرى هي جنين لم يبصر النور قط.
واشارت المصادر الى ان الخلية الوزارية نموذج مصغر عن المجتمع السياسي بكل تلاوينه وتعكس التناقضات التي تسيطر على المشهد السياسي والاختلاف في وجهات النظر حيال التعاطي مع ملف العسكريين المخطوفين بين فريق المتشددين الذي يرفض الانصياع الى مطالب النصرة وداعش ويتمسك برفض المقايضة بارهابيي سجن رومية والموقوفين فيه، وبين الفريق الذي يعتبر ان الخروج من النفق المظلم لا يكون الا بالمقايضة من اجل وقف الاعدامات، ولعل ذروة التناقض تكمن في المواقف التي تطلقها الشخصيات الجالسة الى الطاولة، ففي حين يبدو ان خيار ممثلي الجيش على الطاولة يتجه الى المزيد من التضييق وحصار الارهابيين واقفال المنابر والمنافذ الى الجرود فان وزير العدل اشرف ريفي لم يتردد في المطالبة باطلاق نساء الارهابيين رغم تورط سجى الدليمي في تمويل ونقل الاموال، ومن جهة اخرى ليس خافياً على احد استياء المستقبل من حصار عرسال وقطع الامدادات عن مسلحي الجرود.
وإذا كان التوصيف المتداول بان ازمة الخلية الوزارية بات اكبر من ازمة المخطوفين صحيحاً الى حد كبير فان الواضح كما تقول المصادر، ان ثمة توجهاً الى استبدالها بخلية امنية بعدما ثبت عجزها وفشلها في تحقيق اختراق في ملف العسكريين المخطوفين، فهذه الخلية تعرضت للانتقاد من داخلها ومن السياسيين بدون استثناء، فأعضاء الخلية انفسهم غير مقتنعين بجدوى بقائها واستمراريتها.
وعليه تؤكد المصادر ان الملف يحتاج الى ادارة عسكرية تثبت قدرتها وقوتها التفاوضية لايصال العملية التفاوضية الى بر الامان، وتكون قادرة على الحصول على ضمانات وانتزاع تأكيدات داعشية بوقف الاعدامات أولاً، وبالتالي عدم حصول تأزم إضافي في الملف، ووقف النصرة وداعش عند حدهما ومنعهما من التحكم بمصير البلاد واهالي العسكريين على غرار ما حصل في بداية انطلاقة عمل الخلية . وعلى الخلية الامنية التي ستحل محل الخلية الوزارية ان تدرك ما بحوزتها من اوراق قوة لم تحسن الخلية الوزارية استثمارها واستغلالها، فالدولة تملك الكثير من الاوراق الرابحة في الملف لم يتم استخدامها بعد وكان يفترض ان يحصل ذلك في اعقاب قيام الارهابيين بتصفية العسكريين المخطوفين وعلى قاعدة «العين بالعين والسن « وبالتالي التلويح للارهابيين بان قياداتهم في خطر ايضاً لدى الدولة، اسوة بما فعل حزب الله الذي اختلفت ادارته لملف التفاوض بربط مصير اسير الحزب بالاسرى لديه وبالضغط الذي مارسه الحزب لمنع استغلال توقيف اسيره واللعب على وتر مشاعر جمهور حزب الله ومقاتليه كما يحصل في قضية العسكريين حيث تعمد النصرة وداعش الى استغلال واللعب على وتر مشاعر اهالي المخطوفين بتصويرهم في احوال معنوية سيئة والتهديد باعدام المزيد من العسكريين .عدا ذلك فان لدى الدولة اوراق عديدة تمتلكها مثل عائلات الارهابيين القابعين في مخيمات النازحين واقاربهم، واللجوء الى وقف كل ما يمكن ان يوفر عناصر الحياة لهؤلاء من امدادات لا تزال تصلهم من البوابة العرسالية.