واحدة من الإيجابيات التي يتمايز بها حزب الله عن خصومه في أدائه السياسي العام والتي يحرص كل الحرص عليها، هي طريقة تعاطيه مع حلفائه، وتُعدّ هذه السِمة كواحدة من عناصر قوته التي يعمل دائما على ابرازها والتفاخر بها على خصومه السياسيين، وبالخصوص على تيار المستقبل الذي يشتهر بالمقابل بتخليه السريع عن حلفائه عند اقرب مفصل، ليسير هو بما يراه يحقق مصالحه غير آبه بمن يتركهم خلفه ( حكومة تمام سلام ) ، ولا اظن ان هذه الدعوة تحتاج الى كثير ادلة او براهين لتثبيتها،
هذه الحقيقة التي يعرفها ميشال عون جيدا، ويكاد يبني كل " استراتيجيته " عليها، والتي كثيرا ما كانت تنجح مراهنات جنرال الرابية على حسن ظنه بحليفه فيحقق بها وعليها ما كان يرجوه من مكاسب له ولتياره ، على قاعدة ( عرف الحبيب مكانه فتدلل .. )
الّا ان ما يغيب عن ذهن ميشال عون او يغيّبه عن قصد، هو حقيقة أخرى أيضا لا تقل وضوحا عن الأولى تقول ان في المحطات الكبرى وعند المصلحة الأعمّ التي يشخّصها الحزب وحده من ضمن رؤيته التي تتخطى حدود الوطن لا مكان عندها للمجاملات او الوقوف على الخاطر ( حرب 2006 )، لان المطلوب حينها هو التنفيذ فقط ، وعلى الاخرين اللحاق به ان أرادوا
ولعل رؤية هذا الخيط الدقيق الفاصل بين ما هو "محلي" ويحتمل الدلع، وما هو "وظيفي" بحت لا إمكانية فيه حتى للنقاش هواكثر ما يعاني منه الحزب في علاقته مع جنرال الرابية مما يشكّل له في كثير من الأحيان هذا الارباك والاحراج الذي يشوب العلاقة الودية مع التيار ونشاهده بين الفينة والاخرة،
ولا يزال الجنرال حتى الان قاصرا عن فهم هذه المعادلة الدقيقة مما يحوّله في لحظة ضبابية تعتريه، من حليف ندي محبب جدا، الى عبء ثقيل، مما يضطر الحزب عندها الى استعمال أسلوب الاب مع ولده المغنج عندما يصبح مزعجا ولا يسمع الكلمة ( اتفاق الدوحة )،
اعتقد جازما ان حال ميشال عون في هذه المرحلة التي شهدت وتشهد تحولات كبرى ابتداءا من فينيا مرورا بأسعار النفط ، وصولا الى ازمة العسكريين وارتفاع منسوب التشنج المذهبي الى ما لا يطاق، وحضور وزير الحج والثقافة السعودي لمؤتمر الحد من العنف الذي عقد بطهران، وصولا الى الحوار المرتقب بين حزب الله والمستقبل وغيرها،
كل هذا ولا يزال ميشال عون يعاند من خلال تمسكه بلعبته المفضلة (مفاتيح قصر بعبدا) ويحاول اخفائها خلف ظهره كي لا ينتزعها احد منه، ولا يعرف المسكين ان زمن الدلال قد انتهى .