ُيُفترض في الساعات المقبلة أن تحصل هيئة العلماء المسلمين على تأكيد بالنفي او بالايجاب من قبل "داعش" و"جبهة النصرة" باعطاء تعهد صريح ومصور بعدم قتل اي عسكري مخطوف لديهما. ومن المتوقع أن تحصل الهيئة على جواب من القيادي في "النصرة" ابو علي الشيشاني الذي أجرى اتصالاً سريعاً برئيس الهيئة سالم الرافعي لحظة تسريب الخبر الكاذب عن اطلاق سراح زوجته علا العقيلي لشكره على الجهود التي بذلها في هذا الاطار قبل التأكد من انّها لا تزال في عهدة الامن العام. بدوره طلب الرافعي منه الحصول على التعهد، فردّ عليه "لكم هذا علينا"، وهو رد مشروط بالاجابة القاطعة من قبل المجموعات الخاطفة التي تتحكم بمصير العسكريين.
لا تزال هيئة العلماء المسلمين تنتظر تفويضا من الحكومة لاستكمال التفاوض في قضية العسكريين المخطوفين، تفويضا تستبعد مصادر من الهيئة الحصول عليه، على الرغم من كل الايجابية التي أبداها السياسيون الذين قابلوا الهيئة خلال جولاتها الاخيرة عليهم، متمسكة من جهتها بالشروط الاساسية التي اقترنت واستكمال عملها ومن بينها جدية الحكومة في المقايضة. وتشير معلومات امنية خاصة الى انّ الجهات السورية ابلغت اللواء عباس ابراهيم بأنّ لا مانع لديها من المقايضة على السجينات السوريات، ولكن المشكلة لدى الحكومة اللبنانية في مكابرتها التي لا تزال تستبعد لاعباً اساسياً كسورية في ملف العسكريين، وخصوصاً انّ سورية لن تسلفها الحل على غرار ما جرى سابقاً في قضية راهبات معلولا والحجاج اللبنانيين. وتتحدث المصادر بأنّ المشكلة الابرز تكمن في عمل خلية الازمة التي لا تبدي ايجابية في اطلاق عنان اللواء ابراهيم الذي من شأنه ان يوصل الازمة الى خواتيم ايجابية تفتقدها الحكومة مجتمعة وخصوصاً بعد انسحاب المفوض القطري – السوري.
أميركية الأصل
وتفيد معلومات امنية خاصة بأنّ اللائحة التي تضم اسماء السجينات السوريات، تضم اسم سيدة تحظى بأهمية على غرار سجى الدليمي التي أطلقت سورية سراحها بناءً على طلب الدولة الاسلامية، بعدما تبين لاحقاً انّ الصفقة لم تكن لتتم لولا الدليمي. وتسعى الدولة الاسلامية اليوم الى اطلاق سراح تلك السيدة كأبرز اسم للتفاوض، ترجح المصادر بأن تكون من اصول اميركية وعليه فانّ الولايات المتحدة الاميركية تضغط في هذا المجال لاخراجها من السجون السورية، وسورية لا مانع لها بذلك.
تفويض رسمي
وبالعودة الى هيئة العلماء المسلمين، المشكوك بعملها بالنسبة الى كثيرين على اعتبار انّ تمويل بعض مشايخها وعلى رأسهم الشيخ سالم الرافعي قطري، وبأنّ عملها لم يقتصر سابقاً وأثناء المفاوضات الاولى التي دخلت على خطها سوى بتأمين ممر سالك للمواد التموينية والامدادات الاخرى للمجموعات الارهابية من عرسال الى جرودها، فهل ستكلف الحكومة الهيئة لأداء مهمة فشلت فيها؟.
تستبعد مصادر من الهيئة الحصول على التكليف، فيما يصر الرافعي عليه، على الرغم من انّه ابلغ الاهالي خلال لقاء اخير معهم بأنّه سيتابع العمل "بتفويض أو بدون تفويض"، وذلك بعد تعثر المفاوضات واستشهاد العسكري علي البزال، وعليه "قد نتابع العمل ولكن ليس بصيغة مبادرة من أجل تحريك الجمود الحاصل". واولى بوادر العمل تلقي الرافعي اتصالاً من الشيشاني، طالب فيه الاول بالحصول على تعهد صريح بعدم قتل اي من العسكريين. فما الذي ستقدمه الهيئة بينما لم يستطع المفاوضون الوصول اليه؟. بشكل عام، يمكن الانطلاق من قاعدة اساسية على اعتبار انّ الهيئة لديها قيمة معنوية سنية، يمكن التأثير على جبهة النصرة وان كان ذلك التأثير متواضعاً على "داعش"، كما وتؤثر الهيئة في جمهور تلك الجماعات. يُضاف الى انّ الهيئة حصلت على تأكيد ضمني من قبل السياسيين والامنيين الذين كانت لهم جلسات معها بالموافقة على مبدأ المقايضة وهذا ما تنقله مصادر الهيئة، امّا النقطة الثالثة التي تشكل قوة مفترضة للهيئة فتأكيدها على ضرورة الطلب من المجموعات المسلحة الحصول على لوائح نهائية اخيرة بأسماء السجناء سواء في لبنان او سورية من أجل اتمام عملية المقايضة، على أن تنقل الهيئة من جانبها التأكيد على تلك الاسماء المصنفة ضمن خانة الفيتوات، والتي لن تقبل الحكومة بمقايضتها، ونذكر منها الارهابي نعيم عباس. وتشير مصادر الهيئة الى احتمالية الطلب من الدولة اللبنانية ان تسجل بنفسها قائمة الاسماء وليس المجموعات الارهابية الخاطفة. ومن الجدير ذكره انّ "النصرة" تقدمت بأسماء 89 سيدة سجينة مطالبة بالافراج عنها من داخل السجون السورية.
تعهد إرهابي
وبشأن التكليف الرسمي، يشير رئيس الهيئة الشيخ سالم الرافعي في حديث لـ"البلد" الى انّ الهيئة تنتظر التفويض من الرئيس تمام سلام، مؤكداً تجاوب عدد كبير من المعنيين بالملف، "ويبقى ذلك رهن رئيس الحكومة". ويتحدث الرافعي عن شرطي التفاوض، مشيراً الى انّ طرح جدية الحكومة في المقايضة "أُثير ولم نعلم بعد انّه تم القاء القبض على سجى الدليمي وعلا العقيلي"، وتسعى الهيئة الى بذل جهدها كاملاً للتوصل الى نتائج ايجابية، "ولكن نحتاج اولاً الى التفويض، فلا نقوم بأي عمل يُحسب علينا بانّه تدخل في شؤون الدولة، وفي حال وافقت الحكومة فسنرسل وفداً لمقابلة المسلحين، وخصوصاً بأن لدينا مونة على هؤلاء بحكم مناصرة الثورة السورية، ولحقيقة بأنّه لا مصلحة مادية لنا. ونتوقع قبولاً من المجموعات المسلحة ولكن ما من شيء يضمن ذلك".
وعما اذا كانت الاتصالات قد بدأت مع الجهات الخاطفة، يجيب بأنّه لن يكون هناك اي اتصال رسمي الاّ بعد الحصول على التفويض، "ولكننا ناشدنا عبر الاعلام وفي اتصال مع الشيشاني بادر به نفسه بعدم قتل اي من العسكريين حتى لو طالت مدة المفاوضات". وكان الرافعي تلقى اتصالاً من الشيشاني بعد تسريب معلومات عن اطلاق سراح زوجته، وتزامن الاتصال خلال لقاء للوفد مع وزير العدل اشرف ريفي، نقل من خلاله ريفي للرافعي بأنّ "علا خرجت من السجن، وستخرج سجى الدليمي قريباً، ونقلنا بدورنا ذلك للشيشاني بناءً على قول الوزير ريفي". فبادر الشيشاني بالقول "لكم هذا علينا" في اطار رده على اعطاء التعهد بعدم قتل اي عسكري.
واعتبر الرافعي بأنّ مذكرة التوقيف التي صدرت امس الاول بحق الدليمي ستزيد الامور تعقيداً، كما شأن التسريبات الاولى التي أدت "الى قتل العسكري علي البزال، وعليه من مصلحتنا اليوم الا نستفز الجهات الخاطفة". ورداً على اتهام الهيئة بتأمين ممر آمن للامدادات عبر عرسال والى جرودها، قال "اذا لم تكن هناك ثقة بالهيئة فلا يفوضنا أحد، وليعمل هؤلاء على اطلاق سراح العسكريين"، مشيراً الى الثقة التي تتمتع بها الهيئة من قبل الاهالي "ونتأمل أن تؤدي المفاوضات الى نتائج ايجابية، كما ساهمت الهيئة سابقاً باطلاق سراح 13 عسكرياً مختطفاً".
زينب زعيتر \ البلد