من سيدفع الثمن؟ قلب أي أُم من أمهات الأسرى سيحترق أيضاً بعد قلب والدة العريف الشهيد علي البزال؟
المفاوضات فصل جديد من فصول ابتزاز المسلحين الدولة اللبنانية، وليست خطأ ولا حالة انتقام، إذ يدرك أهالي الأسرى استشراء الاجرام لإشباع رغبة الدم التي تطبع المسلحين الارهابيين المدججين بالافكار البعيدة عن الانسانية والدين. فليل الجمعة، كان موعد جديد لهؤلاء القتلة الارهابيين إذ اقدموا على إعدام أحد عناصر الأمن الداخلي العريف علي البزال الذي خطفه مسلحو "جبهة النصرة" من مقر فصيلة درك عرسال في الثاني من آب الماضي، ونشرت الجبهة بياناً تتبنى فيه اعدامه مرفقة بصورة تظهر ذلك، إضافة الى تهديدها باعدام عنصر آخر بدأته بجملة "من سيدفع الثمن؟".
آل البزال تحلوا بالوعي الوطني مرة جديدة في تفويت فرصة للفتنة وشاركت في الجهد لهذه الغاية احزاب المنطقة وفاعلياتها. وكانت حال من الغضب سادت منذ اللحظات الاولى لصدور البيان، وظهر انتشار مسلح كثيف في البلدة وسمعت رشقات نارية في الهواء، وعمد مسلحون ملثمون غاضبون، إلى قطع طريق بعلبك - حمص الدولية في بلدة البزالية، وخُطف مواطنان من بلدة عرسال ثم أفرج عنهما، وأحرقت سيارة لأحد المارة واصيب سوري بجروح وأقيمت حواجز لتفتيش المارة منعاً لمرور أي سوري او عرسالي، في وقت نفذ الجيش انتشاراً في البقاع الشمالي منعاً لتفاقم الوضع.
وغابت كل المظاهر المسلحة عن الطرق العامة اعتبارا من بعد ظهر السبت عقب المؤتمر الصحافي الذي عقدته العائلة على الطريق العام، في حضور والد الشهيد تلا خلاله رئيس اتحاد بلديات شمال بعلبك خليل البزال بياناً طالب فيه الحكومة اللبنانية بأن تباشر فورا تنفيذ حكم الاعدام الصادرة في حق "إرهابيين قتلوا ابناء وطننا من مدنيين وعسكريين يقطنون الآن في سجن روميه كأنهم في فندق خمس نجوم، ولأن ارهابيي جبهة النصرة ربطوا اعدام الشهيد علي بالافراج عن الارهابيين الملطخة ايديهم بدماء الابرياء جمانة حميد وعمر الاطرش نطلب مباشرة تنفيذ الحكم باعدامهما".
وحمّل مصطفى الحجيري المعروف بـ"ابو طاقية" مسؤولية مقتل علي وطلب من هذه السلطة اجراء اللازم للقبض عليه.
واعتبر البيان "أن السوريين الموجودين تحديدا في بلدة عرسال ليسوا نازحين بل هم حفنة من الارهابيين والتكفيريين انقضوا على ابناء جيشنا الغالي عند اول فرصة"، وأشار إلى ان اهالي البزالية "لن يسمحوا لأي جهة دولية او محلية بالمرور بالبلدة لايصال اي مساعدات الى هؤلاء الارهابيين".
وحده قلب الام يعرف معنى الشهادة، زينب البزال "ام علي" اختلفت في منزلهاعما كانت عليه خلال اعتصامها في ساحة رياض الصلح، وبدت غير كل مرة، فالأمل في عودة ولدها علي سالماً بات من الماضي. تضع قليلاً من الماء على وجهها وعينيها اللتين جفت فيهما الدموع، وتحتضن بذلة علي العسكرية ومن حولها في دار منزل الشهيد في البزالية نساء موشحات بالسواد متمتمة: "غابت شمسك يا حبيبي، حياتي بعد فراقك ظلامٌ، فلمن أشكوا ألم البُعاد".
وأضافت: "ابني لم يستشهد بالامس، بل منذ خمسة ايام"، هكذا حدّثها قلبها الملتهب بالنار، لكن كان لديها بعض الأمل. وتتابع قائلة لـ "النهار": "نحن اولاد كربلاء، وأولئك المجرمون هم اولاد الذل، كان علي الولد الحنون" وتنظر إلى حفيدتها الوحيدة مرام (4 سنوات) التي تجول في بهو المنزل، وهي كل ما تبقى لها، "لكن كيف اجيب مرام لدى سؤالها عن والدها فوالله حرقوا لي قلبي، عملت العجائب والحكومة ما سألت علينا".
وتتوجه الوالدة الى اهالي العسكريين المخطوفين المعتصمين داخل الخيم في وسط بيروت: "اخرجوا منها فلن تنفعكم، الدولة غير آبهة لكم والارهابي يستغل وجعنا".
اما والد الشهيد فشدد على ان مطلبه الوحيد االشروع في تنفيذ احكام اعدام الارهابيين الموجودين في السجون اللبنانية وخصوصا جمانة حميد وعمرالاطرش".
وأضاف: "نحن لا نريد بعد الآن ان نفجع بأي عسكري من أبنائنا. اتخذوا الموقف الشجاع وحرروا ابناءنا".
وباسم اهالي البزالية تحدث رئيس اتحاد بلديات شمال بعلبك خليل البزال، آملا في ان تكون نهاية مأساة المخطوفين مختلفة عن نهاية ولدنا".
(وسام اسماعيل)