"كالهائمين لا نعرف ما الذي يخبئه لنا القدر، نرصد أولادنا يتساقط أحدهم بعد الآخر. في كل مرة، نخسر شاباً فننزل الى الشارع ونفترش الطرق ونعبّر عن غضبنا تجاه الدولة ومؤسساتها ووزرائها ونوابها. في كل مرة، يستنزف الكلام ونجد أنفسنا في انتظار الشهيد الجديد. ليس أصعب من وضعنا ولا أسوأ منه. منكم من ضاق ذرعاً بنا واعتبر أولادنا شهداء وأخذ علينا اقفال الطرق واستجداءنا الشيطان لتحرير فلذات أكبادنا.
لكن هل وضعتم أنفسكم مكاننا لبرهة وسألتم أنفسكم ما كنتم فاعلين حينها؟ هل تخيّلتم أولادكم يرتدون البذة نفسها منذ أشهر مأسورين في المغاور التي تحوطها الثلوج. بالأمس قتلوا علي البزال، بعد ان قتلوه وعائلته ألف مرة، بعد ان تعب التعب منهم، وبعد أن ملّ الدمع الدمع، بعد أن استدرجوا زوجته الى الجرود مرّات لطلب الرحمة، بعد أن أجبروا علي على الاستجداء، وحاولوا النيل خاسئين من هامته ورجولته، فقيّدوا يديه وأطلقوا عليه الرصاص من خلف.
واليوم، يهددون بقتل ابرهيم المغيط المخطوف لدى "الدولة الاسلامية". ما يعني ان القتل لن يكون بالرصاص بل بالسكين. هل تحسبون كلامنا ضعفاً، هل يمسّ بهيبة دولتكم، هل يغذي سادية الخاطفين ويجعلهم يتلذذون بالعبث الذي أثاروه، وبصورة تدفيع الثمن لمن أوقف نساءهم ورفض الانصياع لشروطهم. فليكن.
ليعلم الجميع ان الضعف ليس صرخة أم موجوعة أو زوجة مفجوعة، الضعف هو في خروج وزير يتسلم حقيبة أمنية الى الاعلام لينتقد أداء مؤسسة أمنية في توقيفاتها وادارتها لملف التفاوض.
والضعف في إعلان وزير آخر عن وقف توسطه المعتاد لرفض فريق وزاري فاعل تواصله مع "المشبوهين" لانقاذ حياة الأسرى. والضعف في المزايدات، في رفض المقايضة، ومن ثم القبول بها، والضعف في تباهي حزب فاعل بتحرير أسراه وبعجز الدولة عن الفعل نفسه، والضعف في غياب القرار الحاسم، والضعف في عدم القدرة على قراءة أوراق القوة وعدم تمييزها من أوراق الضعف، والضعف في الصمت المدوّي ساعات بعد الاعدام...".
ما سلف كان لسان حال أهالي العسكريين المخطوفين الذين هاموا على وجوههم منذ اعلان خبر اعدام علي البزال، ونزلوا الى الشارع للتداول في آليات تصعيد يفتقدونها، ليقفل المشهد على قطع طريقي الصيفي والقلمون، يوازيه اجتماع لخلية الأزمة، على وقع تهديد الارهابيين بتصفية المزيد من المخطوفين.