لماذا ضرب الإرهاب المتربص على الحدود الشرقية أخيراً ضربته الموجعة في جرود بلدة رأس بعلبك الطرفية وفي هذا التوقيت بالذات؟
واستطراداً ما هي مضامين الرسالة الجديدة التي اراد ان يبعث بها للدولة اللبنانية؟ وما هي خطواته التالية؟
هذا السؤال يشغل الدوائر المعنية سواء في قيادة الجيش او في بعض الدوائر الحكومية المعنية منذ ليل الثلثاء الماضي وبالتالي بدات عملية بحث وتقص .
الإجابة المباشرة والمبسطة التي يمكن اعطاؤها هي أن الارهاب سبق وأبلغ الى من يعنيهم الامر في لبنان منذ 2 آب الماضي أي منذ اشتباكات عرسال الاولى والتي انتهت الى سقوط شهداء للجيش واسرا اكثر من 30 عسكرياً انه قرر عملياً شن حرب مفتوحة على لبنان وعلى جيشه وقواته الامنية واستتباعا على استقراره وامنه .
لكن هذه الاجابة على بلاغتها واهميتها لاتسقط من حسابات الدوائر عينها أن ثمة عناصر ومعطيات جديدة برزت في عمل المجموعات الارهابية وتوجهاتها المضمرة وحربها المفتوحة على الجيش اللبناني من خلال ضربتها الغادرة الاخيرة في جرود رأس بعلبك في اقاصي البقاع الشمالي وقد تجلى ذلك من خلال الآتي
: -ان الارهاب اراد أن يبلغ المعنيين في لبنان انه دخل في حرب استنزاف ضد الجيس اللبناني على غرار الحرب التي يشنها على جيوش عربية اخرى بدليل انه قرر توسيع نطاق جبهة المواجهة مع هذا الجيش الى بقعة جغرافية جديدة واوسع بعدما انحصرت في الاشهر الخمسة الماضية في جرود عرسال وهذا يعني أن الأمر مفتوح على المزيد من المساحات والجبهات الأخرى
. وبمعنى آخر ووفق قراءة خبراء عسكريين ان المجموعات الارهابية لن تترك من الان فصاعداً خاصرة تراها رخوة في جسد المؤسسة العسكرية اللبنانية الا وستستغلها وتعمل على النفاذ منها لايقاع اكبر قدر ممكن من الخسائر في عديده وفي روحه المعنوية
. -ان الارهاب يبعث عبر عمليته الاخيرة برسالة اضافية فحواها انه سيصعد من ممارساته ومن ضرباته كلما وجد ولمس ان الجيش اللبناني يرفع من وتيرة استعداداته للمواجهة والاشتباك لذا كانت الضربة في جرود عرسال عندما لمس هذا الارهاب ان الجيش استحدث هناك مراكز جديدة ونقاط مراقبة اضافية متطورة ودفع بتعزيزات الى تلك المنطقة التي كانت بالنسبة له مدى حيوياً حاضراً ومستقبلاً
. وهذا يعزز من فرضية جوهرها ان الارهاب المتربص بلبنان لن يقبل اطلاقاً بالتعايش مع توجهات لبنان لاغلاق حدوده وتحصين داخله امام اي محاولات من الارهاب لمنع اختراقه والحليولة دون نفاذ تاثيرات هذا الارهاب ودون نفاذ خلاياه الى الداخل في مهمات تخريبة او أمنية استكشافية
. كما أن هذا الامر يعزز من فرضية اخرى برزت منذ زمن فحواها ان جوهر مطالب الارهابيين من لبنان ان يبقى ساحة خلفية يتحرك من خلالها وياخذ منها ما يريده من تموين وتمويل وتذخير
. وعليه لم تكن ضربة الارهاب في جرود رأس بعلبك نقلة نوعية في عمل المجموعات الارهابية بقدر ما كانت استئناف لما بداه هذا الارهاب في عرسال وعنوانه العريض انه سيضرب ضربته ان وجد الفرصة ملائمة او بمعنى اخر في اي وقت يجد فيه ثغرة يمكن ان ينفذ منها
. وليس جديداً ما اكدته قيادة الجيش بان القرار عندها هو بالمواجهة وبالرد لان الاساس عندها هو حماية لبنان من الارهاب مهما كانت التضحيات والاثمان .