افضل وصف يمكن اطلاقه على الاطلالة التلفزيونية للرئيس سعد الحريري الاخيرة هو الواقعية والشفافية , حيث جاءت في التوقيت المناسب وتطرقت بدقة وصراحة الى القضايا الاساسية والمهمة والازمات العالقة والمتراكمة الي تشل مؤسسات الدولة ودورة الحياة فيها وتعرض البلد الى مسلسل من المخاطر والتهديدات تضعه على شفير الهاوية .
لقد كان واضحا ان الرئيس سعد الحريري بدا راغبا في مخاطبة كافة الاطراف اللبنانية وكل اللبنانيين بمختلف فئاتهم وانتماءاتهم والوانهم السياسية والحزبية والطائفية والمذهبية ,وكل المرجعيات المعنية بالوضع المتردي الذي يعرض البلاد لمخاطر التفجير ,مؤكدا على ضرورة سلوك طريق الاعتدال للوصول الى مساحة مشتركة يلتقي فيها كل اللبنانيين لأطلاق عجلة الحوار البناء مع تجنب الخوض في النقاط الخلافية العصية على الحلول الداخلية والتي تنتظر قرارات تأتي من الخارج .
وفي هذا ما يشي بمنسوب كبير من الشجاعة المطلوبة لمواجهة الواقع والاقدام على خطوات قد تحتاج الى المزيد من التضحيات وتجاوز المصالح الآنية الخاصة والحسابات الضيقة في سبيل المصلحة الوطنية الكبرى وخدمة للمشروع الوطني الذي يحفظ البلد .
فالرئيس الحريري خلال هذه المقابلة كان لديه قناعة راسخة بانه لا حلول ولا مخارج ولا علاج للواقع الراهن الا عبر الانفتاح بصدق على الطرف الاخر والتحاور والتفاهم والتوافق على معالجة الازمات وفق رزنامة تقدم الاهم على المهم وتبدأ من الفراغ الرئاسي حيث لا مفر من التوافق على رئيس للجمهورية يمسك بزمام الامور ويجمع اللبنانيين كمؤشر للتأكيد على الميثاقية وهذا يحتاج الى حوار صادق وجدي مع حزب الله قائم على اسس واضحة وثابتة توفر بدورها الاجواء المناسبة والمناخ السياسي البعيد عن المناورات والتعقيدات .
انطلاقا من هذه الثوابت اكد الرئيس الحريري انه مع الحوار ولكن ليس الحوار لمجرد الحوار بل الحوار الجدي الذي يصب في مصلحة الوطن المثقل بالازمات والهموم والمشاكل والتي تبدأ بانتخاب الرئيس والاتفاق على قانون جديد للانتخابات النيابية وتقصير فترة التمديد للمجلس النيابي واجراء انتخابات نيابية في اقرب وقت . لاشك ان اطلالة الحريري تساهم الى حد كبير في احتواء الاحتقان السني ــ الشيعي وتفتح ابواب الحوار الجدي .