يبدو ان قرار التفاوض المباشر الذي اتخذه رئيس الحكومة تمام سلام يستند الى تفويض مجلس الوزراء سلام اتخاذ ما يلزم من إجراءات في هذا الملف، ولكنه يفتح القضية على فصول جديدة لن تكون سهلة الا في حال برزت استعدادات مختلفة عن المرحلة السابقة لإنجاز صفقة تبادل سجناء إسلاميين لدى السلطات اللبنانية بالعسكريين الرهائن.
وتقول الاوساط المعنية لـ «الراي» ان الأجواء الحكومية باتت اكثر تقبّلاً لهذه الإمكانية اكثر من اي وقت سابق وخصوصاً في ضوء المضاعفات الشديدة السلبية التي باتت تنذر بها قضية المخطوفين والتي كان من ظواهرها الأخيرة صِدام بين القوى الامنية وأهالي المخطوفين ارتدّ سلبا على وزارة الداخلية مع حملات إعلامية تناولت قرار التصدي لقطع الطرق، وكذلك مع حملة انتقادات وجّهها النائب وليد جنبلاط والوزير ابو فاعور الى وزير الداخلية نهاد المشنوق. ولعل المفارقة هنا ان موقف جنبلاط لم يجد استساغة لا من فريق 14 آذار ولا من فريق 8 آذار ولكن احداً منهما لم يبادر الى الردّ عليه.
وتقول الاوساط المعنية ان من غير المستبعد ان تشهد الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء نقاشاً واسعاً في هذا الملف وتطوراته بعدما بدت الفوضى سيّدة الموقف في إدارته، الأمر الذي أفاد منه الخاطفون، وهو ما لا يمكن الحكومة تحمل تكراره ثانية وخصوصاً انه ليس مضموناً ابداً الا يقدم احد التنظيميْن الخاطفيْن للعسكريين (النصرة او «داعش») على تنفيذ التهديدات بالقتل للإمعان في إرباك الحكومة وإحراجها.
وتبعاً لذلك تؤكد هذه الاوساط ان قرار التفاوض المباشر الذي اتخذه رئيس الحكومة هو قرار جدي للغاية وان اي فريق لن يمكنه ان يمارس سياسات المزايدات بعد اليوم وخصوصاً بعدما نفذ «حزب الله» صفقة تبادل مع «الجيش السوري الحر». ولكن نوعاً جديداً من التعقيدات سيبرز في المرحلة الطالعة ويتصل بالتفاصيل التنفيذية لعملية التبادل واللوائح الاسمية التي سيتعيّن على الجانب اللبناني درس الأوضاع القانونية لأصحابها الموقوفين بأحكام قضائية او مذكرات توقيف وسواها من تعقيدات. كما ان ثمة جانباً آخر من التعقيدات يتعلق بالنظام السوري الذي تطالب التنظيمات الخاطفة بإطلاق بضع مئات من السجناء لديه ضمن الصفقة مع الجانب اللبناني.
ولعل النقطة الإيجابية الاساسية التي تعوّل عليها هذه الاوساط تتمثل في اعتقادها ان حصول الخاطفين على تعهد حكومي لبناني ببداية تفاوض مباشر وجدّي قد يكون كافياً لهؤلاء الآن كمكسب علني مما يُستبعد معه تصفية اي رهينة، كما ان العسكريين الرهائن باتوا يشكلون حاجة متعاظمة للخاطفين مع الظروف الطبيعية القاسية التي تسود جرود عرسال تحت غطاء الثلوج والصقيع الأمر الذي برز مرات عدة اخيراً في حصول الخاطفين على بعض الإمدادات الحيوية كالأغذية. حتى ان هذه الاوساط تعتقد ان الممر الغذائي سيضحي الشرط الاساسي غير المعلن للخاطفين الامر الذي يوفر للجانب اللبناني هامشاً أوسع من المرونة والتحكم في المفاوضات في انتظار بتّ أوضاع اللوائح الاسمية المعقّدة.