يأمل الرئيس السابق لـ"هيئة علماء المسلمين" الشيخ مالك جديدة أن تكون استقالته وكشفه لكثير من التجاوزات ضمن "الهيئة" قد شكلت "صدمة إيجابية"، خصوصا أنها سارعت الى إعلان انفتاحها على دار الفتوى وعلى مختلف المؤسسات الشرعية الأخرى، وفي مقدمتها الجيش اللبناني، ولو جاء ذلك متأخرا لكنه خير من أن لا يأتي.
لكن هذا الانفتاح، بالنسبة للشيخ جديدة، لن يساهم في عودته الى صفوف "الهيئة"، بل هو يعكف على التواصل مع عدد كبير من المشايخ والعلماء وأساتذة الجامعات للتشاور في شأن تأسيس هيئة علماء "يكون العلم هو المعيار الأساسي للانتساب إليها، فضلا عن الاعتدال والوسطية، لأن دور العلماء هو ترشيد الصحوة الاسلامية وحمايتها من الأفكار الهدامة ومن الفتن، وليس السير خلف بعض الأهواء المتحمسة التي قد تقود الشارع الاسلامي الى الهاوية".
لا يخفي جديدة أن تراجع دار الفتوى سابقا عن لعب دورها قد سمح لـ"هيئة علماء المسلمين" أن تتقدم بزخم، وأن تلعب دورا على أكثر من صعيد "بحسب مصالح بعض الادارات فيها التي كانت تفتش عن تحقيق مكاسب شخصية من خلال بعض العناوين المطروحة، حتى وصل الأمر الى الانقلاب على التوافق السياسي والديني بما يخص دار الفتوى والسعي الى مصادرة دورها، والى تعميم خطاب طائفي ومذهبي مقيت وليس في مصلحة أحد".
ويشدد جديدة على ضرورة "أن تبادر دار الفتوى الى إنشاء هيئة كبار العلماء في لبنان، على غرار ما هو حاصل في بعض البلدان العربية، وبالتالي فان نشاط العلماء المستقلين يكون من خلالها. أما أولئك المنضمون الى تيارات وهيئات وحركات سياسية أو حزبية فليعملوا من خلال تياراتهم وأحزابهم، ولا يقوموا بتوريط كل العلماء بمواقف قد لا تتناسب وتوجهات أكثرية مشايخ لبنان". مؤكدا أن "إنشاء مثل هذه الهيئة من شأنه إعادة الأمور الى نصابها وتهدئة الأجواء ضمن الشارع السني الذي ستكون له مرجعية شرعية يستطيع الركون إليها في كل الأمور".
ويلفت جديدة الانتباه الى أن الهيئة الجديدة التي هو بصدد إنشائها "ستكون جزءا لا يتجزأ من هيئة كبار العلماء في حال بادرت دار الفتوى الى إنشائها، وهي ستضم الكثير من المشايخ والقضاة والعلماء العاملين وأساتذة الجامعات، بما يعطيها القوة والشرعية والقدرة على العمل ضمن الاطر الاسلامية الصحيحة التي ترفض الغلو والتطرف والتكفير والخطاب المتوتر، وتشدد على قبول الآخر والانفتاح على الجميع، من أجل تحصين الوطن عموما والساحة الاسلامية خصوصا مما يحصل من حولنا".
ويقول جديدة لـ"السفير": "لا يجوز أن نستغل الخطاب الطائفي والتحريض المذهبي في بلادنا، لنذهب بالناس الى الفتنة من أجل تثبيت حضور هذا أو ذاك ضمن الساحة الاسلامية أو من أجل مواجهة طرف إسلامي آخر، بل علينا كعلماء واجب الترشيد بما يؤدي الى الأمن والاستقرار، خصوصا في ظل ما تشهده الدول العربية المحيطة بنا من قضم وتقسيم".
يضيف جديدة: "لا يجوز لنا أن ندخل بلدنا الى البركان إذا كنا قادرين على حمايته، ولا يجوز لنا أن نتماشى مع عواطف المتحمسين على حساب علمنا ومبادئنا وعقيدتنا، بل علينا العمل وفـــق ثوابتــنا الاسلامية التي تدعو الى حماية شبابنا من الانجرار الى مواجهة المؤسسات الأمنية وفي مقدمتها الجيش، ومن الجنوح نحو التطرف والارهاب، فكيف نحمي شبابنا ونحن نمعن يومـيا فـــي التحــريض والشحن من أجل تحقيق بعض المكاسب هنا أو هناك".
ويرى جديدة "أن الخلافات تعصف اليوم بهيئة علماء المسلمين، ويؤدي ذلك الى انسحاب بعض المشايخ منها والى ضعف دورها"، لافتا الانتباه الى أن "مسارعة بعض أركانها الى استيعاب الصدمة، كان من أجل عدم انفلات الأمور وخروج هذه الخلافات الى العلن، لأن ذلك كفيل بزعزعة الهيئة وصولا الى انفراط عقدها». مؤكدا أن «الصراع الدائر ضمن الهيئة ليس صراع أفكار بل هو صراع مواقع ومكاسب. لذلك لم نكن منسجمين مع الخطاب الذي كانت تعتمده الهيئة ولن ننسجم مع أي خطاب مماثل".
"علماء المسلمين": دعم الثورة السورية.. واجب
أكدت "هيئة علماء المسلمين"، أن "العلاقة مع دار الفتوى ومفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان هي علاقة قائمة على التناصح والتكامل، من خلال التواصل والرؤية الإصلاحية التي وضعتها الهيئة".
ودعت الهيئة، بعد اجتماعها الدوري برئاسة الشيخ سالم الرافعي، إلى "معالجة سريعة وجادة لملف العسكريين المحتجزين، ولو من خلال بعض التنازلات والتضحيات من قبل الدولة، حفاظاً على أرواحهم وعلى السلم الأهلي في لبنان".
وأبدت الهيئة استهجانها لما أسمته "الملاحقات العشوائية" في "حق ناشطين سوريين فارين من ظلم طاغيتهم وتسليمهم أحياناً إلى السلطات السورية". كما استنكرت "اعتقال الشباب الملتزمين المساندين للثورة السورية تحت غطاء الخطة الأمنية في الشمال والجنوب على السواء". مشددة على أن "دعم الثورة السورية ومساندة الأحرار، فيها واجب".