بعد انتهاء الحرب اللبنانية عام 1990 بادرنا نحن مجموعة من الاصدقاء والصديقات (علي الامين وفيصل عبد الساتر  وقاسم قصير والدكتور عبد المجيد زراقط والاستاذ محمود حيدر  والدكتور علي حجازي والدكتور محمد وهبي والاستاذ غازي ايوب والاستاذ احمد بزون والاستاذ محمد جعفر والاستاذ احمد ياسين  والاعلامي والكاتب حسان بدير والزميلة سلوى فاضل  واصدقاء اخرون كثر وبدعم من العلامة السيد محمد حسن الامين ) لتأسيس ملتقى الثلثاء الثقافي في الضاحية الجنوبية وفي منطقة بئر العبد وكان الجلسات الادبية والفكرية تقام في منزل الصديق علي الامين  في سنتر داغر وتحتاج الكتابة عن الملتقى ونشاطاته ودوره الى حديث طويل لانه كان انذاك من اهم النشاطات الادبية والفكرية في الضاحية الجنوبية وقد جمع الادباء والمفكرين والناشطين من مختلف الاطياف.

وفي اواخر العام 1991 قررنا استضافة الشاعر سعيد عقل  بعد انتهاء الحرب ولاننا نريد ان نساهم باعادة التواصل بين كل المناطق، وقد رحب الشاعر عقل بالمبادرة ووافق على اقامة الامسية دون اي مقابل تقديرا للسيد الامين وللضاحية وكان يأخذ عادة مبلغا كبيرا مقابل تقديم اية امسية.

وقد اقيمت الامسية في مدرسة الاميكال مودرن وقدّمه الصديق احمد بزون وتحدث فيها السيد محمد حسن الامين وكتب عنها مقالا مهما في جريدة السفير الشاعر شوقي بزيع، وقد حضر تلك الامسية حوالي الالف مشارك من ابناء الضاحية الجنوبية من شباب ونساء ورجال وطلاب وكانت حدثا مميزا ادبيا وسياسيا وثقافيا، وقال انذاك السيد الامين في تقديمه: سعيد عقل بيننا ، يا لروعة هذه اللحظة.

وقدم الشاعر سعيد عقل قصائد رائعة ومنها قصيدة عن الامام علي عليه السلام كما القى كلمة مثيرة للجدل حول دور العلماء والنخب في التطوير.

وانا اذكر هذه القصة لاؤكد كيف استطاعت الضاحية الجنوبية انذاك تجاوز كل الخلافات السياسية والفكرية مع الشاعر سعيد عقل لتحتفي به شاعرا مبدعا ولتعيد التواصل بين كل ابناء الوطن.

واليوم وبعد رحيل الشاعر سعيد عقل تختلف التقديرات عنه فالبعض يتحدث عن شعره والبعض يتحدث عن مواقفه السياسية المثيرة للجدل والتي نختلف معه حولها، والبعض يتحدث عن دعوته لاعتماد اللهجة العامية للكتابة باللغة اللاتينية وقد تعرض عندها لحملات كثيرة لكن اليوم تكتب هذه اللهجة عبر وسائل الاتصال، اذن هناك مواقف متعددة حول سعيد عقل لكن علينا ان لا ننسى انه من كتب قصيدة القدس التي غنّتها فيروز ولديه قصائد اخرى جميلة ورائعة.

ومهما اختلفنا معه بالمواقف السياسية او الفكرية سيبقى سعيد عقل شاعرا عظيما ويبقى حضوره الى الضاحية الجنوبية حدثا رائعا.

قاسم قصير