لعل من سوء طالع الجنود العسكريين الاسرى انهم أبناء المؤسسة الرسمية اللبنانية, وبمعنى اخر ان المسؤول الأول عنهم هي الدولة اللبنانية، وعليه فان المصيبة اعظم لان المطلوب عندئذ من هذه الدولة المنهوشة والممزقة والمسلوبة الإرادة ان تتمتع بقدر كبير من الحكمة والصرامة وان تقارب هكذا ملف بالكثير من القوة و"الهيبة" وبان تكون أولى أولوياتها هي انقاذ أبنائها من تحت سكين الجماعات الإرهابية
وهنا تكمن المعضلة الحقيقية، بان المطلوب ان تتصرف الدولة كدولة، وهذا ما ليس متوفرا وهو ابعد ما يكون عن الواقع بكل اسف، لذا فانه مفهوم من أهالي هؤلاء العسكريين المفجوعين تحركهم الميداني ومحاولات الضغط التي يمارسونها على أصحاب القرار ومواقع النفوذ من اجل تذكيرهم الدائم ان ملف هؤلاء العسكريين انما مطلوب منهم انهاءه والسعي لأيجاد المخارج السعيدة له
وامام هذا الواقع المرير والمحزن فان على كاهل أهالي العسكريين تقع مسؤولية ضخمة ، فمن جهة عليهم إبقاء قضية أبنائهم حية وساخنة ومن جهة أخرى عليهم الانتباه بان لا يتشعب الملف الى ملفين واحد اسمه ملف العسكريين وآخر اسمه ملف الأهالي
فاذا كان الأول عليه اجماع شعبي ووطني ولو على الطريقة اللبنانية، بمعني انه يحوز على كامل التضامن والتكاتف من الجميع طبعا بدون ان تتحول كل هذه المشاعر الشعبية الى حراك عام او الى إحساس عملي جامع، لان هذا واحد من امراض الشعب اللبناني الذي لا تجمعه قضية مهما اثبتت وطنيتها، ولذلك فان من غير المستغرب ان يقتصر الاعتصامات والاحتجاجات على الأهالي فقط دون سائر اللبنانيين مع الإقرار بمشاعر التعاطف
وعليه فالمطلوب من الأهالي بان لا يتحولوا الى ادوات بأيدي الخاطفين عبر تحقيق جميع مآربهم من اقفال الطرقات وما شابه، لان بذلك هم يساهمون عن غير قصد بإطالة امد اعتقال أبنائهم، من جهة لاجل المزيد من تحقيق مآرب الإرهابيين ومن جهة أخرى هم بذلك يخسرون يوميا هذا التعاطف الشعبي، بعد ان تحولوا الى مصدر قلق للكثير من اللبنانيين الذين يتساءلون عن جدوى قطع ارزاقهم وتعطيل حياتهم؟!، وان معاناة ان يكون احدنا اب او ام لمخطوف لا تمنحه احقية ان يتحول الى "خاطف" لوقت الاخر او قاطع لطريقه، وبالخصوص ان من يُراد الضغط عليه لا يتأثر البتة بمثل هذه السلوكيات !
في الختام اقترح على الأهالي الاكارم بان يطالبوا بجدية ان يستلم ملف إعادة أولادهم حصرا الوزيرفي الحكومة اللبنانية الحج محمد فنيش، علّه يضطر لاستحضار خبرات حزبه التفاوضية من موقعه الرسمي، بالخصوص بعد ان اثبت الحزب نجاحه عبر الافراج عن احد مقاتليه.