حسم رئيس تيار "المستقبل" سعد الحريري خياره من المرشحين لرئاسة الجمهورية، وهو بذلك حدد سقف حواره مع "حزب الله" كعنوان عريض حدوده الحفاظ على استمرارية الحكومة في عملها المضبوط ايقاعه بتوازنات تفرضها طبيعة المرحلة الراهنة، في حقل ألغام مشاكل المنطقة.
"لا لعون مرشحاً لرئاسة الجمهورية ولا لجعجع أيضا"، بل الذهاب إلى مرشح توافقي. وبذلك يكون الحريري قد ذهب بعيداً في مقاربته للاستحقاق الرئاسي، شرط ان يلاقيه "حزب الله" في نصف الطريق ويعلن سحب يده من مسألة تأييد حليفه العماد عون، الذي سبقت مصادره، وقبل الاطلالة التلفزيونية للحريري، بأن سربت للاعلام أن الحزب بعث لـ"الجنرال" رسالة تطمين بأن حواره مع "المستقبل" لن يكون على حساب ترشيحه للرئاسة.
والسؤال المطروح في الأوساط السياسية أن ما أعلنه الحريري، وهو لم يوفر في "رصاصه" السياسي احداً، قد يشكل مادة دسمة للجدل السياسي على أكثر من جبهة، وبالدرجة الأولى في الرابية، حيث يتوقع ان يكون لرئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون، كما تقول مصادره، موقف قاس من طروحات رئيس "المستقبل"، الذي لا يعود له وحده حق التصرف برئاسة الجمهورية، وكأن الآخرين غير موجودين.
وتعتبر هذه المصادر أن موقف الحريري جاء رداً على مبادرة عون الذي طالب بحصر المنافسة بينه وبين رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، وكأنه أراد بذلك أن يلغي من قاموسه الحيثية المارونية المعنية بهذا الاستحقاق مباشرة، كون رئيس الجمهورية ينتمي إلى الطائفة المارونية، التي تبقى لها كلمة الفصل في هذا الاستحقاق، مع الأخذ بالاعتبار آراء مختلف مكونات المجتمع اللبناني، باعتبار ان الرئيس عندما ينتخب يصبح رئيسا لكل لبنان وليس لجزء منه.
أما الرد الآخر، والذي لن يكون أقل قساوة، سيأتي من معراب، علما ان جعجع سبق له ان رحب بمبادرة عون، وهو يرى كما تناهى لـ "لبنان 24" من بعض المقربين، ان الحريري تصرف من "عندياته" من دون ان يطلع أحداً من حلفائه على طرحه، وهو أراد بذلك ان يحرج هؤلاء قبل الخصوم، على رغم ان جعجع كان واضحاً لجهة سحب ترشيحه وفق آلية يتم التوافق عليها داخل قوى 14 آذار مجتمعة.
وفي رأي هؤلاء المقربين ان طرح الحريري لم يأخذ في الاعتبار موقف "القوات" التي ايدت التمديد لمجلس النواب، وسايرت "المستقبل"، على حساب قناعتها وقاعدتها الشعبية ورصيدها السياسي.
وقد يكون موقف "حزب الله" في الحوار المزمع أن ينطلق قطاره قريباً على مستوى درجة ركاب الصف الثاني، بداية خلاف يضاف الى نقاط التباعد بينه وبين "المستقبل" في اكثر من ملف، باستثناء التوافق على ربط النزاع في النقاط الساخنة، من خلال منع النش من ثقوب سقف مجلس الوزراء.
فهل سيوافق الحزب على طرح الحريري ويتخلى عن حليفه الاستراتيجي؟ للاجابة عن هذا السؤال تتمة.
(المصدر "لبنان 24")