بعد مضي ستة أشهر على الإعلان عن تشكيل الدولة الإسلامية في العراق والشام من قبل الخليفة ابوبكر البغدادي، أعلن أمير الدولة الصهيونية بنيامين نتانياهو عن تشكيل الدولة اليهودية على الأراضي الفلسطينية المحتلة. وأخذت الدولة الإسلامية على عاتقها مهمة تامين التغطية اللازمة لجرائم الكيان الصهيوني وصرف الأنظار عنها.
الدولة اليهودية في فلسطين، أشبه ما تكون بالدولة الإسلامية في العراق والشام، منطقاً ومنهجياً ودستورياً، إلا أن دولة أبوبكر البغدادي، أكثر صدقاً وشفافيةً، وتأثيراً على الرأي العام من شقيقتها اليهودية، حيث إنها لم تغطي المجازر التي ارتكبتها وترتكبها تحت غطاء الديمقراطية، والسلم والعدالة والحرية، ويجب أن يُعترف بفضيلة الصدق التي تتمتع بها دولة البغدادي التي ترتكب من المجازر ما يعجز عن رصده جميع الاقلام والكاميرات.
وبينما تعمل الدولة الإسلامية في العراق والشام، لطمس المعالم الإسلامية في العراق وسوريا تحت شعار التوحيد الخالص، تحاول نظيرتها اليهودية، لطمس الوجود العربي الإسلامي وحتى المسيحي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإزالة المعالم الإسلامية ومسح الحرم الشريف، من خارطة القدس.
وهكذا يبدو أن مهمة الدولة الإسلامية الرئيسية، هي تطبيع الجرائم التي ترتكبها الدولة اليهودية فيما بعد.
والوجه الشبه الآخر بين الدولتين هو أن الحدود الجغرافية فيهما أو ما يعبر علماء السياسة عنه بأرض الدولة مفتوحة وغير محددة. فالدولة الإسلامية في العراق والشام ليس لها حدود إلا حيث تمتد وتستقر قواتها فيه.
وكذلك الدولة اليهودية، لا يعرف أحد أين تقف حدودها، كما لم يشر القانون المقرر بيهودية الدولة، إلى حدود هذه الدولة. ومن الواضح أنها دولة الحدود الممكنة والمتاحة لشعب الله المختار! وحدهم يتمتعون بالحقوق السياسية وحق تقرير المصير من دون العرب أي السكان الأصليين.
ولكن هناك فرق واضح لا يعود إليهما بل يعود إلى ردود الآخرين على مجازرهما، حيث أن المجازر التي ترتكبها الدولة الإسلامية في العراق والشام، تثير النفور العام والاشمئزاز العالمي بينما جرائم الدولة اليهودية، مرحبة من قبل الغرب وسط صمت العرب وكأن قضية فلسطين، ليست قضيتهم وكأن فلسطين ليست عربية. اللهم إلا إذا يهتم بلد غير عربي بقضيتها فحينها يثور العرب ويغارون. العرب لا يمسكون بالقضية الفلسطينية بمعروف ولا يسرحونها بإحسان، ويقفون منها موقف المتفرج بارد الأعصاب.
وما يثير الأسف هو أن العرب والإيرانيين، لا يزالون منشغلون ببعضهم البعض، ويستمرون بحربهم الباردة، في ملفات عدة ويهددهم الدولتان: دولة نتنياهو ودولة البغدادي، بينما الربيع العربي، انتهي بخريف قارس والصهاينة يستغلون الفوضى السائد على بلدان الربيع العربي، والتوترات الناتجة من تمدد داعش لتعزيز أحقادهم التاريخية العتيقة وإقرارها الدستوري.
إن الذين يطالبون إيران بإنهاء ما يزعمونه احتلالا للعراق وسوريا رغم أنهم يحررون الأول وليس لهم تواجد عسكري في الثاني، ألا يجدر بهم أن يتحركوا لإدانة الكيان الصهيوني الغاصب الذي لن يفلت العرب من مؤامراته، حتى لو يعترفوا به رسمياً، لا سمح الله.