مضى الاستقلال والمسيحيّون يتفرجون على ضياع دولة أحرقوها وأحرقوا أنفسهم من أجلها منذ الحرب الأهلية والى ما قبل الطائف لحظة ضياع الطائفة القوية والمتسلحة بعد أن استنفدت كل قوتها للمحافظة على سلطة لا يمكن المحافظة عليها بطريقة الاستئثار والاستبداد .
أضاع المسيحيّون ورقتهم الرابحة في معارك خاسرة أوصلتهم الى ما هم عليه من وهن وضعف جعلهم غير قادرين على ترشيح أنفسهم لمنصب في وزارة أو نيابة أو رئاسة دون الاذن المسبق من المرجعية الشيعية في ما خصّ الجنرال والسُنيّة في ما خص الحكيم وباقي القيادات في صفيّ 8و14آذار .
مقابلة رئيس التيّار الوطني الحرّ الأخيرة أثبتت حجم الرجل في السياسة اللبنانية اذ أن استقواءه بحزب الله جعل منه رقماً في الشكل صفراً في المضمون فلا قدرة له على اجتراح الحلول لأزمة الرئاسة التي تعني المسيحيين بشكل مباشر ولا حول له على المساهمة في اخراج لبنان من مآزقه وأزماته وكل ما يملكه هو تكرار مواقف عمرها من عمر التحالف مع حزب الله والادعاء بنظافة سياسته وسلامة صهره .
يأبى الحكيم الا أن يكون قائداً للقوّات اللبنانيّة رغم أن حجم دوره أصغر من مسؤول سياسي بعثي أو ناصري ومع ذلك يطرح عناوين كبيرة وهو خارج التغطية يخاف من دبيب نملة ويريد رئاسة بالنكاية رغم استحالة الوصول .
يتمنى حزب الكتائب ان تعود اليه الرئاسة التي فقدها نتيجة لسياسات عائلية أغرقت البلاد في حمامات من الدماء وهو على استعداد لملاقاة حزب الله في قصر الرئاسة للتصالح معه على خصوصيته في الأمن والدور الذي يتجاوز حدود لبنان .
كان صادقاَ رئيس الحكومة عندما وضع الرئاسة اللبنانية في صندوق الحسابات الأمريكية – الايرانية وأخرجها من دائرة الجدل اللبناني وفضح المتعنترين من اللبنانيين الذين يعطون لأدوارهم ولمسؤولياتهم كرؤساء وقيادات دوراً بارزاً وقادراً على التحكم بالمسارات السياسية وتنفيذ الاستحقاقات الدستورية بفعلة فاعل لبناني .
عجز تيّار المستقبل عن خوض انتخابات نيابية لخسارته المسبقة في الصندوقة السنيّة وساوم الشيعة على التمديد النيابي لابقاء الحكومة كغطاء سياحي لحزب الله في سورية وللتغاضي عن شغور موقع الرئاسة نتيجة لمصالح يراها حزب الله مفيدة لايران في مرحلة ايرانيّة حرجة .
اذاً نحن أمام مشهد سياسي لبناني مقفل الحلول وهو يعرض على خشبة شيعية متحكمة بأدوار الطوائف والقيادات والأحزاب ولا مجال للتقرير في شيء ومهما صغُر دون العودة أو الرجوع لحزب الله كيّ يقرر صحة هذا الشيء أو خطئه . وبعض اللاعبين من هنا وهناك يظنون أنفسهم دهاقنة قادرين على اللعب في ملعب حزب الله من خلال مبادرات جوّالة تشعرهم بحياة فقدوها منذ زمن .