الاحتفال السنوي الذي يقيمه لبنان السياسي والعسكري والامني في الثاني والعشرين من تشرين الثاني من كل عام يأخذ الطابع الاستعراضي ليضاف الى الفلولكلور اللبناني الذي يميز لبنان عن باقي الدول بغناه بهذا النوع من الاستعراضات التي ترتسم على شكل لوحات فنية مزركشة بالوان زاهية وجميلة تشبه الواقع ولكن لا تمت اليه بأي صلة لا من قريب ولا من بعيد , وكالوردة الاصطناعية الملونة بالوان قوس قزح بدون اي رائحة تنعش النفس والروح ولا طعم يجدد الحياة في الجسد . واللبنانيون في هذا العام محرومون من هذا الاستعراض الاستقلالي الذي يحجبه غياب الراعي الاول له وهورئيس الجمهورية الذي حالت الخلافات الداخلية والمتشابكة مع التطورات الاقليمية دون انجاز هذا الاستحقاق الدستوري في موعده ,فما زال الوطن مقطوع الرأس منذ اكثر من ستة اشهر . ومع ان الاستقلال في اي دولة من دول العالم هو مناسبة وطنية يحتفل فيها ابناء البلد بتجديد الولاء للوطن الام ورفع منسوب الثقافة الوطنية واحترام القوانين والدساتير والالتزام بالواجبات والتقيد بالانظمة , اما في بلدي فالوضع مختلف تماما اذ ان عيد الاستقلال هو مناسبة لتجديد الولاء للزعيم وللعائلة وللعشيرة وللحزب وللتنظيم وللميليشيات وللطائفة وللمذهب وللمصالح الخاصة المرتبطة بمصالح دول خارجية , ولرفع منسوب العمالة للخارج واغراق البلد في متاهات الجهل والفقر والفساد واشاعة مناخات الانقسام والتفرقة وضرب المؤسسات واضعافها وتجاوز القوانين والدساتير التي تحمي البلاد وتصونها من الخروقات . ففي هذا العام تمر ذكرى الاستقلال , والوطن حزين بعدما هجره اهله وتركوه وحيدا وغريبا يعاني قساوة الغربة وعذاب الفراق عن شعب احبهم ولم يحبوه واعطاهم ولم يعطوه وآواهم فنبذوه وظللهم بسماء صافية فسمموها بدخان مصانعهم ومعاملهم ورواهم بمياه عذبة فافسدوها بفضلات غذائهم وافترش لهم ارضا طيبة فملؤها بمطامر نفاياتهم السامة , اعطاهم الحرية فكبلوه بقيود المشاريع الاقليمية وسجنوه في زنازين المصالح الخارجية . اعطاهم الحياة فذبحوه وقطعوا اوصاله يسكاكين الطائفية وخناجر المذهبية وسيوف الفئوية وفصلوا الرأس فبقي الجسد جثة بلا روح مرميا على قارعة النزاعات الاقليمية والخلافات الدولية ينتظر املا يشع من غرف المفاوضات المتوهجة بالاشعاعات النووية عله يبث فيه الروح وتعود اليه الحياة .
هي مأساة وطن بلا رأس وبلا شعب .
انه وطن وفي يبحث عن شعب ابي