إلى أين تتجه الخطوات التي اتخذتها وزارة الصحة في مسألة الأمن الغذائي الآخذ في التوسع ولاسيما في بيروت، خصوصاً بعد قرار محافظ بيروت إقفال مسلخ بيروت بشكل مؤقت إلى حين انتهاء أعمال تأهيله!
هي في الشكل خطوة صحيحة نحو تأمين أمن غذائي سليم ومعافى ولكن ما السر في فتح هذا الملف الآن؟ ولمَ لمْ يُفتح من قبل وكلنا يعلم أن الفساد مستشرِ في البلاد طولاً وعرضاً... على أنّ التحليل الأقرب الى هذه الخطوات هو حرف أنظار الرأي العام اللبناني عن خطوة التمديد الفاسدة للمجلس النيابي باعتبار أنَّ معظم اللبنانيين مستاؤون من هذه الخطوة التي جعلت من الطبقة السياسية الحاكمة تتسلّط على رقاب الناس مجدداً ولو غصباً عنهم، وهذا يعني أنهم مغتصبون للسلطة اغتصاباً، فجاءت خطوة فتح الملفات الصحية والمطاعم والمسالخ لتحويل أنظار الناس عن ملفين أساسيين في البلاد هما: ملف الإنتخابات النيابية وملف انتخاب رئيس الجمهورية، وهكذا ينشغل اللبنانيون بأمور أخرى ونحن لا ننكر أنّها مهمة وتستحق المعالجة غير أنّها جاءت في وقت تتشابك فيها الملفات الداخلية والإقليمية واللبنانيون كلهم مشغولون أيضاً بقضية أولادهم الأسرى عند المسلحين الإرهابيين ويبدو أنّ الملفات الأخرى هي جاهزة أيضاً للتحريك وهذا ما أعلنه بالأمس وزير المالية علي حسن الخليل أنه سيلاحق قضائياً المعتدين على أملاك الدولة، وماذا لو كان المعتدون على أملاك الدولة وزراءا ونواباً؟ فماذا يفعل؟
وأغلب الظنّ أنَّ فتح الملفات سوف يتزايد في الأيام المقبلة، إذ يبدو أنَّ المنافسات الإعلامية بين الوزارات بدأت هي أيضاً بالظهور إلى العلن علّهم بذلك يغطون على خطيئتهم الكبرى في المجلس النيابي... وها هم اللبنانيون بمعظم فئاتهم ومشاربهم وانتماءاتهم السياسية يقولون إن الفساد هو مرض إجتماعي متأصل في النفوس قبل أن يكون في الوزارات والمؤسسات، فهل أصلح المسؤولون في لبنان نفوسهم قبل أن ينطلقوا الى إصلاح الآخرين؟ أتأمرون الناس بالبرِّ وتنسون أنفسكم؟ إذاً أصلحوا أنفسكم وحاسبوها قبل محاسبة الآخرين إنْ كانَ هناك من محاسبة فعلية...
ونختم أن الأيام القادمة ستكشف أسرار الحملات على الفساد في بلدٍ تلوّث مسؤولوه بالفساد قبل غيرهم وإلاّ من الذّي جعل لبنان منذ اتفاق الطائف يقع تحت عجز دين يفوق الـــــ 70 مليار دولار؟؟!