تفاعلت قضية العقيد في الجمارك فادي أبي كنعان، بعد نشر معلومات وتكهنات أدرجت أسباب ما جرى معه في سياق استهدافه المباشر للحؤول دون وصوله إلى منصب رفيع في إدارة الجمارك العامة، خصوصاً بعدما تأكدت "النهار" أن صاحب البضاعة المهربة قد خُلّي سبيله السبت الماضي!
وذكرت مصادر معنية بالقضية لـ"النهار" أن "ملابسات تكتنف قضية العقيد أبي كنعان المطروحة أمام المدعي العام المالي علي ابرهيم، والذي ارتأى أن يتوسع في التحقيق، مبقياً العقيد رهن التحقيق، علماً أن عبارة "رهن التحقيق" لا تعني أنه موقوف أو مدان بل تعني أن هناك التباسات كبيرة يعمل القاضي ابرهيم على إظهار حقائقها".
وفي المعلومات عن هذه القضية أن ما نشر عنها قد يكون فيه الكثير من التبسيط، واعتبار أن ما حصل مع أبي كنعان كان مقصوداً لإقصائه عن منصب رفيع ينتظر أن يتبوأه في المستقبل، ليس صحيحاً، فالمدة المتبقية للرجل ليحال الى التقاعد الحكمي لا تزيد على 4 أو 5 أشهر وبالتالي لن تكون أمامه فرص مستقبلية للترفيع وتبوؤ المناصب العليا.
ويقر مصدر هذه المعلومات بأن أبي كنعان كشف قضية كبيرة عندما لاحق عملية تهريب 597 هاتفياً ذكياً جوالاً من طراز "ايفون 6" أدخلت عبر مطار الرئيس رفيق الحريري الى لبنان، وأوقع بأفرادها بعدما لاحقهم في بيروت وصادر البضاعة المهربة، بعدما توصل الى كشف طرق تهريبها من المطار من خلال وضعها بحقائب مر حاملوها بقاعة المسافرين بتنسيق مع عناصر رسمية في الداخل ساهمت مع المهربين بصرف النظر عن اجتيازهم آلات التدقيق الالكترونية، من دون عرض الحقائب عليها لكي لا يتم كشفها وفضح مهربيها.
ونشرت روايات عدة عن القضية لم يشأ المصدر تأكيدها أو نفيها باعتبار أن القضية باتت في عهدة القضاء وله الكلمة الفصل فيها، وأبرزها أن المهرب صاحب البضاعة زار في اليوم التالي، لكشف تهريبته، العقيد أبي كنعان، مع شقيق مسؤول نافذ في حزب فاعل وحاولا تسوية الموضوع مقدمين له بندقية F4 وعملا على تصويره كأنه قبل بها. وبعد زيارتهما أبلغا القضاء بالأمر مدّعين أن أبي كنعان قبل الرشوة من أجل الايقاع به والانتقام منه "وليكون عبرة للآخرين"، على ما قال المهربون الذين صوّبوا سهامهم في اتجاه مسؤولين آخرين في الجمارك، لإفهامهم أن "هذا مصير من يواجه مافيات التهريب".
ويسرد المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه لـ"النهار" رواية أخرى بقوله انه خلال وجود صاحب البضاعة المهربة ومعه شخص آخر لدى أبي كنعان الذي كان في صدد شراء بندقية "أف 4" من مخزن قوى الأمن الداخلي لكونه ضابطاً في جهاز رسمي ويحق له في شراء بندقية، تلقى اتصالاً هاتفياً تحدث خلاله عن مواصفات البندقية التي ينوي شراءها، وبعد انهاء المكالمة عرض صاحب البضاعة المهربة عليه بندقية مماثلة، في إطار البيع وليس بهدف اعطائه إياها كرشوة، وكان الحديث بينهما عن الموضوع عابراً، ولكن تم استخدام هذا الحديث من خلال الإيحاء أنه قبل أخذ البندقية كرشوة، وليست هناك أي صورة من قبيل ما تم الحديث عنه في الاعلام.
ويخلص المصدر إلى القول "إن هناك ثابتتين في القضية، الأولى أن هناك انجازاً للجمارك تحقق على يد العقيد أبي كنعان، وهو كشفه تهريبة كبيرة، والثاني انه خلال تحقيق هذا الإنجاز وكشف التهريبة، حصل شيء معين، لا يمكن احداً أن يؤكد حقيقته سوى القضاء الذي ما يزال يعمل على جلائه. والقضية بين هذين الحدين، والكلمة الفصل للقضاء".
وفي حين رجح مصدر رسمي عالي المستوى أن هناك تجنياً على العقيد أبي كنعان للانتقام منه وترويع زملائه، وابقاء "الخطوط المفتوحة" في المطار، وهي ذات مسارب كثيرة وعلى كل المستويات، سألت "النهار" وزير العدل اللواء أشرف ريفي الذي يتابع القضية شخصياً، فقال: "ان القضية مطروحة أمام القضاء، وليس لدينا أي تعليق قبل أن ينتهي التحقيق".
وحاولت "النهار" الاتصال بالعقيد أبي كنعان، لكن هاتفه كان مقفلاً، وكذلك هواتف القريبين منه.
عباس صالح