إذا كانت قضية المواد الغذائية الفاسدة التي تعمل وزارة الصحة على معالجتها ووضع حد لحال الفلتان الغذائي الداشِر في البلد قد خلق تصدعات في الحكومة السلامية، فكيف هي الحال بالنسبة للقضايا الكبرى؟ وماذا هي فاعلة الحكومة الحالية في ظل الإنقسام العمودي حول الخلافات السياسية، بدءاً من انتخاب رئيس الجمهورية وصولاً الى الموضوع السوري والتجاذب الدائر بشأنه؟ ويبدو أنّ قضية المواد الغذائية قد تسرّب ميكروبها الى جلسات مجلس الوزراء حيثُ شهدت جلساتها السابقة ارتفاعاً ملحوظاً في الأصوات والخلافات حول الأمن الغذائي وكيفية معالجته..
وما إن أمطرت السماء في بيروت حتّى غرقت طرقاتها وشوارعها في المياه التي لم تجد مصارف تأوي اليها فهل ستكون هي الأخرى مواد خلافية في جلسة مجلس الوزراء المقبلة؟ والى من ستوجه سهام الإتهام هذه المرّة؟ إنها حكومة تقف على حافة الهاوية مدعومة بشحنة تأييد اقليمية ودولية لكن يبدو أن هذه الشحنة ستفرغ من طاقاتها في ظل استمرار الخلافات بين أطرافها وهذا ما سينعكس سلباً على الوضع برمته الذي هو أصلاً مهترىء على جميع الصعد، فبعد سابقة التمديد يستمر الفراغ الرئاسي وتواصل طبوله القرع على إيقاع التسوية الخارجية المنتظرة التي يترقبها المسؤولون اللبنانيون لكنها ليست قريبة، لذلك أمِنَ المعقول أنً تستمر البلاد بلا رئيس وتتواصل معها الخلافات داخل حكومة قد بدأت دعائهما تتآكل من الداخل؟ أيعقل أن يختلف اللبنانيون 8 و 14 عن موضوع غذائي يطال الجميع؟
ما هذا البلد؟ يتحكم به سياسيون أتقنوا فنّ الخلاف على مصالحهم ولم يتقنوا فنّ الخلاف على المصلحة العامة؟ ماهذا البلد الذي يحوي طبقة سياسية فاسدة قبل فساد الغذاء والدواء والطرقات وغيرها؟
لنفترض أن زلزالاً لا سمح الله خرّب لبنان فماذا تفعل هذه الطبقة الحاكمة؟ هل ستختلف على أعداد الضحايا المحتملة أو على الخسائر الماديّة؟ حتماً سوف يفتشون عن أسباب الخلاف وإن كانت المصيبة لا سمح الله كبيرة..
أعان الله لبنان وساعده على الخلاص من هذه الحفنة التي لا تفكر إلا في بطونها... وجيوبها...