قرَع أهالي العسكريين المخطوفين أبوابَ السفارة التركية، وفي ذاكرتهم تجربة مشجّعة، نجاح المساعي التركية في إطلاق مخطوفي أعزاز. فبعدما لمسوا أن لا قَطع طريق ضهر البيدر أفضى إلى تحرير أبنائهم، ولا شلّ الحركة في ساحة رياض الصلح نفَع، إختارَ الأهالي التوجّه إلى السفارة التركية، كجزء من تصعيدهم.

 

"لا شيءَ معي إلّا كلمات..." عبارة تختصر الوضعَ المأسوي الذي يتخبّط فيه أهالي العسكريين المخطوفين، منذ أكثر من مئة يوم. فبعدما كانوا ينتظرون على أحرٍّ من الجمر ما قد يصدر عن اجتماع خليّة الأزمة الوزارية، التي ترَأسَها الرئيس تمّام سلام بعد ظهر أمس، غادرَ المجتمعون ليلاً من دون الإدلاء بأيّ تصريح، أو الاجتماع بالأهالي، ما أشعلَ غضبَهم.

 

تلويح بالتصعيد

"هربوا من طريقنا!"، "نِحنا مِش عم نطلب يعطونا الجنسية اللبنانية"، "ولادنا هنّي ولادُن"... توالت ردود الفعل المهدّدة، والمندّدة المرتفعة من رياض الصلح، إلّا أنّ النتيجة واحدة، "سنعاود قطعَ الطرقات: ضهر البيدر، القلمون، وبيروت".

 

صرخة الأهالي المدوّية وتلويحُهم بالتصعيد، سرعان ما تلقّفها الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد خير والوزير وائل أبو فاعور، اللذان التقيا الأهالي ليلاً في ساحة الرياض الصلح، ووضعاهم في الأجواء المرافقة لملفّ أبنائهم.

 

وفي اتّصال مع حسين يوسف والد الجندي المخطوف محمد يوسف، أكّد لـ"الجمهورية"، "تراجعَ الاهالي عن تصعيدهم المقرّر اليوم بعد التطمينات التي لمسوها من اللواء خير والوزير أبو فاعور". وأضاف: "بناءً على عدم تواصل أيّ من المعنيّين بالأهالي، وبعدما حاولنا الاتصال باللواء خير وأبو فاعور من دون إجابة، وعادةً عندما لا يجيب أحد منهما، فذلك يعني أن لا جديد، أو إشارة إيجابية، ثار غضبنا.

 

ولكن على ما يبدو أنّ ردّة الفعل هذه دفعَت بالمعنيين إلى زيارتنا ووضعِنا في أجواء المستجدّات والمراحل المتطوّرة التي عبَرَها الملف، ولكن لا مفرّ من الانتظار". أمّا عن الخطوات التي قد يلجأ إليها الأهالي ضمن زياراتهم الديبلوماسية، أكّد حسين: "زيارة الأهالي إلى السفارة القطرية قريبة".

 

السفارة التركية

"ليس قِلّة ثقة بالحكومة... ولكن من مُنطلق زيادة الخير خير»، على هذا الأساس ترك وفدٌ من أهالي العسكريين المخطوفين ساحة رياض الصلح، صباح أمس محمَّلين بأدعية الأمّهات، وتمنّيات الأبناء، وتوجّهوا بسياراتهم الخاصة إلى السفارة التركية، لا حاجة للورقة والقلم، أو للائحة، فالمطلب واحد: "بدنا ولادنا".

 

الأسماء محدّدة على باب السفارة والتعليمات واضحة، "وسائل الإعلام خارجاً، والأهالي أهلاً وسهلاً...". لأكثر من 50 دقيقة أصغى السفير إينان أويزلديز إلى الوفد، ودوَّن ملاحظاته في ضوء ما سمعَه من مخاوف ومآسٍ وهواجس وأسئلة...، "مبدياً تعاطيَه جدّياً مع الملف"، بحسب المجتمعين.

 

بعد الاجتماع، أوضحَ الوفد أنّ "اللقاء تمّ بناءً على طلب من أهالي العسكريين، وكان إيجابياً، وقد وعدَنا السفير بأن ينقل مطالبنا إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بحرفيتها، وسيتمّ التعاطي مع هذا الموضوع بجدّية. وتنصّ المطالب على تدخّل الدولة التركية في هذا الملف عبر الدولة اللبنانية، لأنّنا كأهالي لا نريد تجاوزَ الدولة اللبنانية ولا إلغاءَ أحد".

 

ولفتَ الوفد إلى أنّ "السفير أشادَ بدور الرئيس تمّام سلام واللواء عباس ابراهيم الجدّي والإيجابي في التحرّك لحَلحلة قضية المخطوفين".

 

وأكّد: "ثقتُنا كبيرة بالدولة وبالتعاون معنا، ولكن واجبنا التحرّك في قضيتنا"، معتبراً "أنّ الأتراك يستطيعون لعبَ دور في ملف المخطوفين، وثقتُنا كبيرة بالرئيس سلام واللواء ابراهيم".

 

جنجنيان

وكان النائب شانت جنجنيان قد زار الأهالي في ساحة رياض الصلح، وحملَ إليهم "دعم رئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع لقضيتهم، وحِرصَه على "عودة أبنائنا سالمين وبأسرع وقت".

 

بين التلويح بالتصعيد والاحتكام إلى ديبلوماسية السفارات، عبَثاً حاولت العائلات التقاطَ أنفاسها والبحثَ عن خيارات تطمئنُها، وحدَها عائلة المخطوف خالد الحسن كانت إلى حدّ ما مطمئنّة، بعدما تردَّد خبر عن زيارتها ابنَها لدى "داعش" في جرود عرسال.

 

(ناتالي اقليموس )