أي مشهد سياسي بعد التمديد لمجلس النواب الذي تطوى صفحته رسمياً مع نشر قانون التمديد الثاني للمجلس لمدة سنتين وسبعة أشهر تنتهي في 20 حزيران 2017 في الجريدة الرسمية صباح اليوم؟

شكلت الايام الخمسة التي أعقبت جلسة التصويت على التمديد بغالبية 95 نائباً، فسحة لاستجماع الانفاس بعد العاصفة التي أثارتها هذه الخطوة، ولكنها رسمت ايضا ملامح متغيرات طرأت على جوانب من هذا المشهد ينتظر ان ترخي بظلالها على التحركات السياسية المقبلة. وعلى ايجابية الكلام الذي عاد يتردد بقوة عن تحريك أزمة الفراغ الرئاسي والذي بدا معه بعض اللاعبين الداخليين مراهناً على فتح أفق هذه الازمة من خلال تطورات دولية – اقليمية محددة في مقدمها الحوار الغربي – الايراني في شأن الملف النووي الايراني، فان أوساطاً مطلعة قالت لـ"النهار" إنها لا تستبعد ان تكون فورة الكلام المتفائل بكسر أزمة الفراغ الرئاسي في وقت قريب أشبه بتعويض فوري للفجوة الكبيرة التي نشأت عن استدراك الفراغ الذي كان يتهدد مجلس النواب بتمديد ولايته، فيما تستمر أزمة الفراغ الرئاسي تدور في الحلقة المفرغة.

وأشارت في هذا السياق الى عدم جواز تقليل شأن أزمة طالعة بين مجمل المسؤولين الرسميين والزعماء السياسيين والنواب وبكركي في ظل التداعيات التي بدأت تتخذ طابعاً سلبياً للحملة الحادة غير المسبوقة التي يواليها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي على مجموع الطبقة السياسية في البلاد. واذ لم تجزم هذه الاوساط بما اذا كانت هذه التداعيات ستبلغ حد القطيعة بين بكركي ومعظم القوى السياسية، بعدما رفع البطريرك سقف انكار شرعية التمديد للمجلس ولم يظهر أي استعداد للتعامل بمرونة مع موجبات هذه الخطوة، قالت إن الوسط السياسي لا يمكنه ان يتجاهل اثر هذا الموقف البطريركي الصارخ، وقت يحظى بتفهم واسع من مختلف البعثات الديبلوماسية وخصوصاً في ما يعود الى ازمة الفراغ الرئاسي. واذا كان عتب خافت على سيد بكركي بدأ يتصاعد لعدم تمييزه بين القوى والنواب الذين يدأبون على حضور الجلسات النيابية لانتخاب رئيس للجمهورية، وأولئك الذين يعطلون الانتخابات بتعطيل النصاب، فان ذلك يبدو بمثابة رأس جسر الكلام الذي ينوي كثيرون اثارته مع البطريرك حين تفسح الظروف في معاودة البحث معه في الملفات الداخلية.

أما على صعيد المعطيات الجادة في شأن ازمة الفراغ الرئاسي، فان الاوساط نفسها لا تزال تعتقد ان أي مؤشرات لم تبرز بعد من شأنها ان تبني رهاناً واقعياً على تبديل واقع المأزق، بدليل الكثير من المواقف القيادية التي أعلنت في الايام الاخيرة والتي أثبتت ان لا شيء جديداً طرأ على خريطة التعقيدات التي تعترض الانتخابات الرئاسية على رغم كل ما واكب التمديد للمجلس من التباسات وخلط بعض الاوراق الظرفية.

وإذ يتهيأ نواب "التيار الوطني الحر" لتقديم مراجعة طعن في قانون التمديد لمجلس النواب أمام المجلس الدستوري، يبدو ان هذه الخطوة ستتزامن مع احياء ذكرى مرور عشرين سنة على انطلاق عمل هذا المجلس الذي سيعقد رئيسه عصام سليمان مؤتمراً صحافياً غداً للحديث عن هذه المناسبة وربما تطرق فيه الى موضوع الطعون في التمديد.
وعلمت "النهار" ان الاجواء السائدة على صعيد المجلس الدستوري في مستهل مرحلة ما بعد صدور قانون تمديد ولاية مجلس النواب اليوم في الجريدة الرسمية توحي بأنه سينعقد بنصاب كامل في حال تقديم طعن أمامه في القانون ويرجح انه لن يتخذ قراراً بإبطاله نظراً الى الاسباب التي أرفقت به.