لا جديد يُذكر بشأن تعلّق النائب ميشال عون بكرسي الرئاسة شأنه في ذلك شأن الكثيرين من الذين يستميتون ويقتلون لصالح الرئاسة في شرق مجنون بالكراسي على اختلاف أشكالها ومستوياتها .

في التجربة العربية صور رئاسية مشابهة لطموحات ميشال القاتلة من قبل أشخاص وصلوا الى الرئاسة على جثث شعوبهم واستمرّوا في الحكم بفعل القتل نفسه وتبدو تجربة البعث حديثاً نموذجاً حيّاً ودليلاً واضحاً على وحشيّة الوصول الى السلطة من جهة وعلى حيوانيّة الحفاظ عليها من جهة ثانية .

لا نستطيع هنا أن نلوم من يريد الوصول الى الرئاسة وبأيّ طريقة لأن هذا ديدن الجميع ولا توجد أمامنا تجربة صحيّة يمكن الاعتماد عليها أو الاستناد اليها لادانة من يسعى الى السلطة بواسطة القتل .

حتى أن أمناء الأحزاب في لبنان والشرق يصلون الى مواقعهم بوسائط اجرامية ويبقون فيها حتى الممات بعد أن يستمرّوا في أدوارهم القيادية الالهية بأفعال لا تخلو من الاجرام .

اذاً نحن لا نُعيب عون على حبه المجنون لكرسيّ الرئاسة ولا نلوم آخرين من أمثاله وأترابه ممن يغرقون البلاد والعباد بحمامات الدم تحقيقاً لمآربهم الشخصية طالما أن مرض الرئاسة مرض عام وطالما ان الوصول اليها والمحافظ عليها يتمّ بالكيماوي والنووي والسجون والتصفيّات والاغتيالات والتهديد والتنديد ورفع المشانق واتهام الناس بتهم العمالة اذا ما أرادوا الاعتراض على مسؤول في حزب أو موظف في دولة .

عندما يُمدد النوّاب لأنفسهم أيّ لوظائفهم بالطريقة التي شاهدناها وعلى عيّنك يا ناخب ماذا ينفع ادانة طامح هنا وطامع هناك ؟ بالتأكيد ستشعر بخجل وأنت توجّه اصبع الادانة الى شخص يتربص الفرص ليصنعه الآخرون رئيساً يتمتع بنعم الرئاسة لا بنعمة الادارة المسؤولة عن دولة .

يضحكك مشهد نوّاب الأمّة وهم يُهرولون لانتخاب أنفسهم بأنفسهم دون حاجة الى ربعهم الطائفي ويضحكك أكثر متابعة الأمّة نفسها لسرقة ارادتها من قبل لصوص يتنعمون بمسروقاتهم الثمينة من مال وجاه أمام أعين فقراء قومهم من الذين يتغنون بجهلهم ويعتبرونه ثروتهم الحقيقية والفعليّة في حياتهم الشبيهة بالموت .

 لا نلوم أحداً من المندفعين الى القصر الرئاسة في بعبدا فما عُرضت الرئاسة على أحد ورفضها ولا نلوم سعيهم المُصاحب لخراب البلد لأن ذلك وكما ذكرتُ سُنّة الأولين والآخرين في شرق محكوم بمنطق السلطة المُستبدّة التي لا تتوفرّ الاّ بقوّة القتل . ولكن اللوم يقع على من يدّعي النزاهة في الأمانة والمسؤولية ويربط مواقفه برضا الله ويعيث فساداً سياسيّاً وأمنيّاً ويُشجع وحوش السلطة على وحشيتهم ويمدهم بأسباب الطغيّان وبأدوات القتل ويرفض مبدأ مداولة السلطة بواسطة القوانين ويصرّ على استخدام واسطة القوّة .