زيارة مدينة طرابلس في هذه الايام اصبحت اكثر من ضرورية، بل هي واجب على كل لبناني بعد الاحداث الامنية التي مرت بها عاصمة الشمال في الاسابيع الماضية وحجم الاضرار والدمار الذي اصاب الاسواق الداخلية.
والزيارة الى عاصمة الشمال اللبناني ليس من اجل المساهمة في تحريك الوضع الاقتصادي والسياحي في المدينة فقط ، بل من اجل اللقاء مع ابناء المدينة وفعالياتها وقادتها وكي نعرف وجهة نظرهم مما جرى وما سيجري وكي نكتشف الوجه الحقيقي الحواري والتعددي لهذه المدينة الرائعة.
وقد وفّقت في الايام القليلة الماضية لزيارة سريعة للمدينة لللقاء مع الاستاذة الجامعية والمتخصصة بدراسة العنف لدى الحركات الاسلامية الدكتورة هلا رشيد آمون بمناسبة صدور كتابها الجديد حول الدولة الاسلامية وتنظيم داعش، واللقاء ايضا ببعض الاصدقاء من العلماء والناشطين الاسلاميين في دار العلم والعلماء في منطقة ابي سمراء والتي يشرف عليها الاستاذ الشيخ عبد الرزاق القرحاني وهي من المؤسسات العلمية والفكرية والتي تأسست منذ عدة اشهر ولكنها تنشط بفعالية من اجل تشجيع الحوار وجمع طاقات العلماء وتوجيه جهودهم وبناء الشخصية المتوازنة، وتركز هذه المؤسسة على تعزيز قيم الابداع والحوار والوسطية والامانة والتعاون والاحترام والصداقة.
وقد شكل اللقاء مع العلماء والحوار مع الاصدقاء في طرابلس فرصة للاطلاع على اوضاع المدينة عن قرب وحجم المعاناة الاقتصادية والاجتماعية وللتعرف على اسباب نمو ظاهرة التطرف والبحث عن كيفية معالجة هذه الازمة.
والنتيجة الاساسية التي يخلص اليها زائر طرابلس اليوم :الحاجة الاساسية للعودة الى الحوار والتواصل بين سائر مكونات الوطن وخصوصا بين الاطراف المختلفة والمتصارعة وعلى الاخص بين القوى الاسلامية على كافة تنوعاتها.
وطبعا يجب الاعتراف بحجم الاختلافات الفكرية والسياسية اليوم بين القوى الفاعلة، ويجب الاشارة بوضوح ان التطورات في لبنان وسوريا خلال السنوات الماضية وكل الاوضاع في المنطقة قد ادت الى انتشار اجواء الاحتقان وغياب الثقة والنظرة السلبية بين كل الاطراف، لكن بالمقابل فان حجم المأزق الذي يعاني منه الجميع وعدم قدرة اي طرف بحسم الصراع لصالحه ،كل ذلك يتطلب العودة الى طاولة الحوار والبحث عن حلول للازمات التي نواجهها.
في طرابلس تسمع دعوات واضحة للحاجة الى العودة الى الحوار مع ادراك الجميع بحجم العقبات والظروف الصعبة، لكن يجب ان تطلق المبادرات والكل معني ومسؤول ، والبداية تكون بزيارة طرابلس واللقاء مع اهلها وقادتها وحتى للسياحة وزيارة اسواقها ومطاعمها.
قاسم قصير