اجتمعت أمس جماعة تُنسب نفسها للأحزاب الوطنية برئاسة وئام وهاب الذي تلا بيان الاجتماع المُقرّر بتأييد التمديد للمجلس النيابي والعمل على اقرار قانون انتخابي يعتمد النسبية .. رحم الله كمال جنبلاط وجورج حاوي ومحسن ابراهيم – الرحمة تشمل الأحياء – وآخرين من قيادات العمل الحزبي في لبنان ومن مناضلي الحركة الوطنية الذين آخذوا أمكنتهم في الصفوف الوطنية نتيجة تاريخ نضالي وفرّ لهم تبوؤ أمكنة ومواقع قيادية حزبية أو اجتماعية أو وزارية .
من المؤسف مشاهدة فراغ وطني بهذا المستوى ونحن الآن لا نحاكم تجربة العمل الوطني في لبنان لأن المحاكمة تمّت سلباً وبنتيجتين أولهما خروج الحركة الوطنية من المعادلة السياسية والثانية مرتبطة بأزمّة الأحزاب العلمانية وعلى المستويات كافة والتي كانت سبباً كافيّاً لنهضة الظلامية الجديدة من كهوف التاريخ . وانما نقارن أقران العمل الحزبي داخل الساحة الوطنيّة لنلتمس مستويات الهبوط السريع والانحدار الكبير في الكفاءة الوطنية والمُقارنة هنا ليست انتقاصاً من أحد بقدر ما هي اضاءة على الدرك الأسفل من السياسة التي تمثلها جماعة لا لون لها ولا طعم ولا رائحة .
من المعيب انتاج أحزاب وطنية بلا وطنيّة وبلا معايير حزبية وبأشخاص أصغر من المسؤوليّات اليومية والتي تتطلب طلاّب ممارسة حزبية نقيضة
للطبقة السياسية الطائفية ومن المعيب أيضاً استسهال الصفة الحزبية بحيث يكفي الاعلان من مصدر طائفي عن جهة حزبية لجماعة لا تتجاوز أعدادها أصابع اليدّ لتصبح حزباً طليعياً يعبر عن مرحلة تاريخية وببيان تاريخي يقذف به قفا أميركا وأوروبا والأمم المتحدة ويرمي اسرائيل يوميّاً ببحر العرب .
لقد ولدت أحزاب الحركة الوطنيّة من رحميّ القومية العربية والقضية الفلسطينيّة ومن فضاء أممي اشتراكي ثوري وأنتجها وأتاحها روّاد من مفكريّ ومناضليّ النخبة العربية والماركسية واحتوت تشكيلاتها على أسماء لامعة في سماء اليسار اللبناني . لذلك ننظر نظرة ريبة لأحزاب اليوم ممن تدّعي الوطنيّة لأننا مأخوذين بتجربة وطنيّة لا مكان فيها لأشباه قيادات من أمثال من تُظهرُهم الشاشة اللبنانيّة الموجهة بجهاز تحكّم عن قرب وبعد من قبل حيتان المال الطائفي .