لعلّ القاسم المشترك بين هاتين الشخصيتين إنهما من قلب المؤسسة العسكرية، فالسيسي كان قائداً للجيش المصري وقد واجه الإرهاب في بلده ولا يزال يواجهه وهو في سدّة الرئاسة لأنه كخبير عسكري قبل أن يكون رئيساً يدرك مدى خطورة أن تنحو بلاده نحو الحرب الأهلية أو تقع تحت رحمة الإرهاب المنظم، وهو اليوم أصدر تعليماته لمواجهة وضرب الإرهابيين في سيناء وغيرها في ظل تقارير أمنية تتحدث عن إستعداد الجماعات التكفيرية لتنفيذ عمليات إرهابية جديدة في شبه الجزيرة المصرية وإعلان السيسي حربه على الإرهاب في مصر زاد من شعبيته وجعلت الشارع المصري يثق بخطواته، فالمصريون قد سئموا من الصراعات الداخلية ويريدون لبلدهم أن يقف على رجليه ويتنفس الصعداء. وكلما كان الرئيس المصري حازماً في موقفه من الإرهاب ومحاربته خصوصاً بعد تعرض عناصر من الجيش المصري لاغتيالات وتفجيرات وخطف كلما ازدادت ثقة الناس به باعتباره خشبة خلاصٍ لهم من الفكر التكفيري الظلامي الذي يعيث فساداً في أرض الكنانة.
وبالعودة الى لبنان فيبدو المشهد نفسه، فقائد الجيش ومن خلفه مؤسسته العسكرية تواجه إمتحاناً صعباً في مواجهة الإرهاب الذي يطاله في ظل انقسام لبناني حول الأزمة السورية ومواقف بعض اللبنانيين الذين خذلوا الجيش في أكثر من "موقعة"، واليوم يخوض العماد قهوجي حرباً قاسية ضد الجماعات التكفيرية في طرابلس؛ وهي حرب إن نجح فيها قهوجي في ضرب الإرهاب أو تحجيمه على الأقل فإن ذلك سييزيد شعبيته بين المواطنين على امتداد الوطن وستكون هذه الحرب مفتاح البوابة الى القصر الرئاسي. ويبدو أن المعركة التي خاضها الجيش في طرابلس فرض فيها منطقه ودخل الى باب التبانة والأسواق الداخلية التي كانت مسرحاً وملعباً للمسلحين الذين غادروها منسحبين الى جرود الضنية وغيرها من المناطق الحاضنة لهم. وقد دفع الجيش ضباطاً وجنوداً ثمناً غالياً لهذه المعركة الشرسة، لكن ما يثير الريبة أين هما الإرهابيان شادي المولوي وأسامة منصور؟ ولما أفلتا من قبضة الجيش وكأنّه تكرار لما جرى في مخيم نهر البارد وصيدا؟...
ولعلّ خوفنا يتجلي مرة جديدة في أن يجمّع هؤلاء الإرهابيون قواهم ويعودون الى التفجير والتعرض للجيش وأمن المواطنين ...
لذلك فإن ما قام به العماد قهوجي هو جدير بالإحترام ولا شك أنه سيعزز الثقة به وبقيادته لهذه الحرب المكلفة، لكن حذار من أن يُخدع الجيش مرة جديدة كما خُدع في عرسال... حرام أن يهبّ بعض النافذين في طرابلس على تهريب المسلحين تحت حجة حماية المدنيين لأن ذلك سوف يضرّ بنا جميعاً وخصوصاً أن مؤسسة الجيش هي وحدها التي تواجه الإرهاب وتدفع غالياً ثمن هذه "الفاتورة"...
وختاماً نقول مبروك للجيش وللبنان هذا الإنجاز، ومبروك لقائد الجيش الذي يسير على خطى السيسي، لكن تبقى العبرة في الخواتيم... ليبقى جيشاً حامي الوطن ودرعه الحصينة.