تحوّل تسليح الجيش كما يجب ووفقاً لحاجاته، إلى "أحجية"، نظراً الى الوعود الكثيرة، فيما لم يرد أي صاروخ أو مدفع أو سلاح مطلوب الى مخازن الجيش. وما يدعو الى الاستغراب هو أن الهبات السخية كتلك التي تبرّع بها العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز (ثلاثة مليارات دولار)، حتى الآن لم تر النور، والحجج الفرنسية التي سيقت لم تقنع المسؤولين اللبنانين الذين استغربوا الايحاءات عن قرب تسليم دفعات من الأسلحة والآليات المطلوبة. أما الهبة الملكية السعودية الثانية بقيمة مليار دولار فهي مخصصة لشراء أسلحة مكافحة الإرهاب، ولم يتسلم الجيش شيئاً بعد، على الرغم من إعلان الرئيس سعد الحريري عن اتفاق على شراء أسلحة بقيمة 300 مليون دولار، دون إعطاء تفاصيل عن الدول التي اشتريت منها ولا نوعية الأسلحة، لكن المتداول أن الولايات المتحدة تقاضت 150 مليون دولار بدل أسلحة لمصانع أميركية، وتعد الدوائر فيها العدة لإرسالها الى بيروت.
وما يلفت ليس فقط إملاءات من بعض الدول الكبرى والاقليمية والعربية على الحكومة لعدم قبول الهبة الإيرانية العسكرية، بل هو إقحام الأمين العام للأمم المتحدة بان كي – مون نفسه بلفت نظر وزير الدفاع الوطني سمير مقبل قبل توجهه الى طهران، الى أن قبول الهبة الإيرانية يعد خرقاً للمادة الخامسة من قرار مجلس الأمن الذي يحمل الرقم 1747 للعقوبات المفروضة على إيران، والصادر تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يحظر بيع (أو توريد أو نقل) سلاح أو عتاد عسكري لإيران. نقل الرسالة الى مقبل المنسق الخاص للأمم المتحدة ديريك بلامبلي. واللافت أن بلامبلي أعلن عن الحظر الأممي في تصريح صحافي في ختام اللقاء في اليرزة، أي أن الرسالة التي نقلها من بان كشفها للعلن، وهدفه منع حصول الزيارة، وهذا لم يحصل، او تحذير لبنان من خرق للقرار المذكور، وهذا ما سيدعم موقف وزراء 14 آذار في الحكومة وآخرين لجهة رفض الهبة درءا لمشكلة مع مجلس الامن والمجتمع الدولي بشكل عام. اما وزراء الثامن من آذار فسيوافقون عليها، وهذا ما سيؤدي الى "كربجة" المواقف ولجوء الرئيس تمام سلام الى تأجيل بت الهبة الى اجل غير محدد.
وافاد مصدر موثوق به ان الهبة تتألف من قاذف "تاو" المضاد للدروع وصاروخ "تاو" مع مناظير ليلية، وذخائر دبابات تي 55 وتي 62 ومدافع هاون 120 وتي 60 ملم مع ذخائرها، ودوشكا، ورشاشات وذخائر من عيار 155 ملم. ويتناول التقرير الاستعدادات التي ابداها المسؤولون لمساعدة الجيش اللبناني ودعمه مجانا وبالسرعة القصوى، وتسليم الهبة بكاملها الى الجهات المخولة في الجيش، في اقل من شهر.
وسألت "النهار" وزراء موقفهم من تلك الهبة وما اذا كانت ستقبل او سيجمّد الجواب عن العرض الايراني لمزيد من الدرس، فتبين ان وزراء 14 آذار سيرفضونها، اما فريق 8 آذار فسيوافق عليها. وتجنبا للاحراج مع ايران سيؤجل المجلس بتها لمزيد من الدرس. وهذا الموقف له فوائده، اذ انه يسقط اي احتجاج سعودي كان سيكون متوقعا، او اميركيا، حتى لو لم تنقل وسائل الاعلام اي نوع من هذا الاحتجاج، بل ربما تم ذلك بالطرق الديبلوماسية.
وما يؤسف له ان حاجات القوات المسلحة في هذا الوقت بالذات لا تحتمل التأجيل او الانتظار، نظرا الى المهمات الجسام التي تنتظر العسكريين في معظم انحاء لبنان، ولا سيما في الحرب ضد التنظيمات الارهابية الوافدة من سوريا، وتحديدا من معابر واقعة على طول الحدود الشرقية والشمالية.