الحصيلة التي عاد بها منسق التحالف الدولي الجنرال المتقاعد جون آلن من المنطقة تبدو صادمة، فالعراقيل المذهبية بين القوى السياسية في العراق، والخلافات على القيادة بين اجنحة المعارضة السورية المعتدلة، ترسمان صورة سلبية لمسار الحملة العسكرية على "داعش"!
ثمة اجماع على ان القصف الجوي لن يتمكن من حسم المعركة، وان من الضروري وجود قوات برية تتصدى للإرهابيين بدعم من غطاء جوي بحيث يتم اجتثاثهم، لكن ما كشفته جولة آلن لا يمثل اكتشافاً بمقدار ما يمثل فجيعة تنعكس لمصلحة "داعش"، إنطلاقاً من اهتراء الوضع الميداني في العراق وسوريا.
الجنرال مارتن ديمبسي قال قبل مدة: "ان القتال ضد تنظيم الدولة الاسلامية سيستمر إلى أن يقتنع ٢٠ مليون سني بأن مستقبلهم في العراق لن يتأمن إلا بوضع ثقتهم في الحكومة"، ولكن منذ تشكيل حكومة حيدر العبادي لم يتوافر مثل هذا الاقتناع، وإن جزئياً، لا عند السنّة في الأنبار ولا عند الأكراد في اربيل وكركوك.
الجنرال ألن يرى ان إعادة بناء الجيش العراقي ستتطلب وقتاً، وان هناك مشكلة في الأنبار تتمثل في ان على الحكومة ان تواصل العمل الجاد مع العشائر السنّية بهدف تشكيل الحرس الوطني لدعم الجيش في مواجهة "داعش"، لكن من الواضح ان نوري المالكي يحاول وضع العصي في دواليب حيدر العبادي، والدليل استمرار الخلاف على تعيين وزيري الداخلية والدفاع، ومن الأوضح ان حكومة العبادي لم تنل ثقة السنّة بعد!
ثم ان الأكراد والسنّة يجب ان يكون لهم دور في القرار السياسي، وقد ركز جون ألن معظم جهوده في العراق على التمهيد لارساء ركائز حكومة الوحدة الوطنية بما يساعد على تأمين التعاون الضروري بين الجيش والعشائر والبشمركة لكسب المعركة ضد الارهابيين.
يأتي هذا بعدما بدا ان الحكومة المركزية تتجاهل مطالبة رجال الشرطة ومقاتلي العشائر في الأنبار بالإمدادات العسكرية، وهو ما ساعد "داعش" على تحقيق اختراقات سريعة من الرمادي الى عامرية الفلوجة بما يفتح الطريق الى بغداد!
فريديريك هوف المستشار السابق لأوباما للشؤون السورية، يقول ان هناك محاولات لأعادة تشكيل الفرق العسكرية العراقية على اساس "ان لا تكون ملوّثة بالمالكي"، كي لا تثير الرفض في المناطق السنيّة التي سبق لها ان عانت من سياسات المالكي الاقصائية، وانه ليس خافياً ان العراق مر بمرحلة فشل الدولة على يد المالكي وهو ما ادى الى انهيار الجيش امام الارهابيين!
العقدة في سوريا تبدو ادهى في ظل السؤال: كيف يمكن تأمين ٢٠ الف مقاتل من شظايا المعارضات المعتدلة لمواجهة "داعش"؟ لهذا لا يبالغ ليون بانيتا في القول انها حرب الثلاثين سنة.