إذاً هي «العزم التام». هكذا قرَّرت الولايات المتحدة تسمية عمليتها العسكرية ضدّ «داعش»، بُعيد انفضاض اجتماع القادة العسكريّين لدوَل التحالف الذي انعقد قبل يومين في قاعدة «اندروز» الجوّية قرب واشنطن. الأمر يُذكّر بتسميات سبقَ وأطلقها الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، حين قرَّر غزوَ العراق عام 2003.
فيما يُرجّح عدم صدور أيّ بيان أو إعلان يُلخّص ما توافقَ عليه المجتمعون، تتحدَّث مصادر أميركية عدة عن منحى بدأ يتبلور تحت شعار «مزيد من الإنخراط الاميركي» في هذه الحرب. وتشير إلى أنّ الرئيس الأميركي باراك اوباما يتعرَّض لضغوط كبيرة ستُجبره في نهاية المطاف على التخلّي عن «سياسة التردّد»، الموصوف بها عادة.
بعيداً من ترداد العوامل التي طرأت في الأسابيع الأخيرة وفرَضت نفسها على الأرض، تكشف تلك المصادر عن اقتراحات عُمّم بعضها على عدد من وسائل الإعلام، فيما نوقِش عدد آخر منها في اجتماع القادة العسكريين لدول التحالف الأخير، وهي:
• رفع وتيرة مشاركة طائرات الهليكوبتر الهجومية من نوع «أباتشي» في العمليات الحربية في العراق، خصوصاً في محافظة الأنبار. وبحسب رئيس هيئة أركان الجيوش الأميركية الجنرال مارتن ديمبسي، فإنّ هذه الطائرات شاركت جدّياً في المعارك التي دارت عند أطراف مطار بغداد الدولي، ويرجّح أن يُدفع بها للدفاع عن قاعدة «عين الأسد» غرب الأنبار.
• رَفع نسبة الغارات الجوّية التي تنفّذها طائرات التحالف، سواءٌ في العراق أو سوريا، لتصل الى معدل 200 غارة يومياً، في اعتبار أنّها الوسيلة الوحيدة المتاحة حتى الساعة لوقف تقدّم «داعش» فيهما.
• تسريع تدريب وحدات الجيش العراقي وميليشيات «العشائر السنّية»، حيث سيصار إلى استدعاء مئات الخبراء والمدرّبين العسكريين من دول التحالف، خصوصاً الغربية منها. وتطمح الخطة الى تسريع بناء ثلاثة ألوية من تلك العشائر لتعزيز انخراط السنّة في المعركة، خصوصاً أنّهم يبدون استعدادهم، لكنّهم يشكون من قلّة الإمكانات.
• خلق منطقة آمنة بنحوٍ متدرّج، على أن تُغطّي لاحقاً معظم الحدود الشمالية الشرقية من سوريا، لمَنع طائرات النظام السوري من التحليق في تلك المنطقة. وعلى رغم معارضة أوباما حتى الساعة إقامة هذه المنطقة، إلّا أنّه مضطرّ للقبول بها، ليس تعارضاً مع الرغبات التركية في هذا المجال، بل لأنّها ستكتسب محوريتها في الأشهر المقبلة، خصوصاً أنّ النقاش يتبلور أكثر فأكثر بالنسبة الى مستقبل العملية السياسية في هذا البلد في الأيام المقبلة.
فإشارة ديمبسي الى احتمال إقامة تلك المنطقة لا يأتي من فراغ، علماً أنّ وزير الخارجية جون كيري لم يستبعدها أيضاً.
• تسريع تدريب قوى المعارضة السورية المعتدلة بما يمكّنها من قتال «داعش». وتقترح الخطة مضاعفة العدد الى 10,000 مقاتل خلال بضعة أشهر في معسكرات في الأردن وتركيا والسعودية.
وتكشف المصادر أنّ الوفد العسكري الأميركي الذي توجّه الى أنقرة، سيناقش تلك العملية مع الأتراك، مع مَيل إلى تجاوز الاعتراضات التركية عبر تسوية لم يُكشَف عنها حتى الساعة.
• توجيه تحذير إلى الحكومة السورية بأنّ قوات التحالف لن تسمح باستهداف قوات المعارضة السورية المعتدلة. ولتبرير عزوف الولايات المتحدة أو تركيا عن الدفع بقوّات برّية إلى سوريا، لا بدّ من إعطاء قوات «الجيش السوري الحر» ضمانات بأنّ قوات النظام لن تستهدفها، بما يمكّنها من خلق آلية هجومية قادرة على قتال «داعش» وتحرير المناطق السنّية الخاضعة لسيطرتها الآن.
• السماح بمشاركة الخبراء العسكريين الأميركيين وغير الأميركيين، ومواكبتهم للمعارك الميدانية التي ستُخاض من الآن فصاعداً ضد «داعش»، خصوصاً في العراق.
وتعتقد تلك المصادر أنّ هذه الخطوة قد تكون الأصعب على أوباما الذي يرفض تدخّلاً من هذا النوع، في حين يَرى عدد كبير من القادة العسكريين أنّ تعريض هؤلاء الخبراء لمخاطر العمليات البرّية قد يكون خطوة لا غنى عنها لإزالة الاحتقان الذي يشهده العراق اليوم.
هذا ما قاله ديمبسي قبل أيام، حين أعلن أنّ معركة تحرير الموصل أو أيّ موقع مهمّ لـ«داعش» في المستقبل، قد يفرض مشاركة الخبراء الأميركيين في تلك المواجهات، خلافاً لما يرغبه الرئيس الأميركي.
وكان اللافت في الساعات القليلة الماضية صدور استطلاعات رأي أميركية تشير إلى ارتفاع نسبة تأييد الحرب على «داعش» إلى أكثر من 41 في المئة، بالتزامن مع تصريحات عدد من المسؤولين الأميركيين تطالب أوباما بحسم طريقة تطبيق شعاره «إحتواء «داعش» وتدميرها. جاد يوسف