من ايطاليا وبعد فرنسا أستدار سعد الحريري تسعين درجة على الشراكة التي جمعته مؤخراً مع حزب الله في حكومة تمام سلام وحاول تحميل مسؤولية تمادي التطرف في لبنان لحزب الله الذي دخل الحرب السورية فاستحضرها الى الداخل اللبناني بلحاها كافة.
لاشك بأن الرئيس سعد الحريري يستند في تصريحاته الى شعور أوروبي ايجابي مطمئن حول نتائج الحرب في العراق وسورية وخاصة بعد قيام حلف دولي مهمته تسديد اصابات مباشرة ومرصودة من قبل الادارة الأمريكية المُتقنة لسياسة الأهداف من الجوّ في ظلّ نيام تام للمُضادات الأرضية في سورية المرتعبة والمُهددة كالعادة بالأقوال لا بالأفعال من مرور سرب من طائرات الحلف الدولي في الفضاء الاقليمي السوري.
وتجاوباً مع المعنويات الأوروبية شمّر سعد عن ساعديه وهدّد بمحاربة المتطرفين من أهل السُنة ولا أعلم بأيّ سلاح سيحارب ارهاباً ضاقت ذرعاُ به أمريكا ومن معها .. وكيف سيواجه تطرفاً بات مسيطراً على بيئة طائفية فشل تيّار المستقبل في توفير الحماية لها؟ كما يدّعي أخصام تيّار الحريري.
ثمّة عبارات تطلع من واقع الصدمة والتأثير المُفرط والارتجال الطبيعي ازاء التعبير عن لحظة ساخنة في موقع دبلوماسي ريادي لا يمكن التعويل عليه أو الاحتساب له في خارطة النفوذ داخل طائفة قذفها التصدع المذهبي الى أقصى الحسابات السيئة في انتظار الفرج على يدّ المؤمنين بخيارات الجهاد لا بالساعين الى سلطة في حكومة ومهما كانت هشّة.
لهذا بلغ سعد الحريري نشوة النصر على الآخر في فرنسا وايطاليا فصرّح كعسكري لا كسياسي وهذا ما دلّ على صعوبة وصول الحريري الى صفوف رجال السياسة رغم عجقة المستشارين الذين يحتاجون الى مستشارين لتحسين شروط الاستشارة عندهم.
السياسي لا يفتح النار باتجاهين على حزب الله الشيعي وعلى الاسلاميين السُنة في ظل غياب تام لعناصر القوّة التي يفقدها أمام أحدهما فكيف أمامهما معاً ؟ وبالتالي لم يعد تيّار المستقبل الممثل الوحيد للطائفة السنية ولم يعد الشارع السني والوطني مصدر شرعيّة التيّار فهو يتصدر اليوم قيادة الطائفة بفعل الخارج وتأثيرات الدول الاقليمية والدولية وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية بعد أن خسر كامل الرصيد الذي أتاحه له الشهيد الرئيس رفيق الحريري من خلال سياسات سطحية خسرت التيّار قوته ومكانته في الطائفتين السُنية واللبنانيّة.
ان سلّة التنازلات الحريرية عرّت ثورة الأرز ولولا تصرفات فريق 8آذار السلبية لما بقيّ أحد من المقتنعين بشعارات السيادة والحرية والاستقلال مع جماعة 14آذار المتفرغة للمساومة والبيع لممتلكات الرأيّ العام الذي وثق بها في لحظة تاريخية تطلبت موقفاً بحجم المرحلة الانتقالية من الوصاية الى السيادة.
لم يعد بيد سعد الحريري ما يُمكّنه من غلبة جماعة متطرفة تتنفس من رئة الخلاف المذهبي وتستمدّ قوتها من معطيات تتجاوز حدود الحسابات اللبنانيّة الضيقة والمتصلة بنيابة أو وزارة أو حصّة طائفة ..لذا وجد الحريري في أصدقاء والده مدداً لدور بات مهدداً من قبل رجال الفعل في طائفة انحازت الى صراع مذهبي تُبنى على أساسه حسابات سياسية بحجم المنطقة لا بحجم العائلة.