كيف انتقل وباء إيبولا، الذي يتفشى منذ حوالى أربعين عاماً في المناطق المعزولة نسبياً في أفريقيا الوسطى، إلى أفريقيا الغربية وتسبب في وفاة أكثر من أربعة آلاف شخص خلال ستة أشهر؟ لم يتوصل العلماء بعد إلى إجابة شافية على هذا السؤال الذي يعتريه غموض شديد.
وقال خبير الحميات أندرو فاستن من جامعة واريك البريطانية: «كنت أتمنى لو أني أعرف الجواب... كنا نظن أن المشكلة تقتصر على منطقة وسط أفريقيا، لكن ذلك لم يكن صحيحاً».
واستوطن الوباء على ما يبدو منطقة الغابات في غينيا، قرب الحدود مع سيراليون وليبيريا. وأعلنت المنظمة العالمية للصحة أن إصابة بالعدوى ترقى إلى كانون الأول (ديسمبر) 2013 قد تكون نقطة انطلاق هذه الآفة في قرية ميلياندو.
وتفيد بحوث أخرى أن الوباء نجم على الأرجح عن دفن ساحرة مصابة بالعدوى في قرية سوكوما السيراليونية النائية القريبة من غيكيدو. وفي أعقاب الدفن، تفرق المشاركون في جنازتها إلى مناطق أخرى، وما لبثت الوفيات أن تتالت بعد ذلك.
وبالإضافة إلى السؤال الذي يتمحور حول المصدر الدقيق لهذا الوباء الفتاك والمستمر منذ تسجيل أولى الحالات في 1976 في زائير (جمهورية الكونغو الديموقراطية) والسودان، تطرح تساؤلات عن المنشأ الحيواني للوباء.
وقال جوناتان بال أستاذ علم الحميات الجزيئية في جامعة نوتينغهام البريطانية، «نحن مقتنعون بأن الخزان الطبيعي لهذا الوباء هو الخفافيش آكلة الثمر وأن الوباء يتفشى كثيراً بين هذه الحيوانات».
وتعتبر الخفافيش «الخزان الطبيعي» لعدد كبير من الأوبئة التي تنتقل بعد ذلك إلى حيوانات أخرى هي «حاملة وسيطة» قبل انتقالها إلى الناس.
وفي ما يتعلق بإيبولا، تعتقد المنظمة العالمية للصحة أن الوسطاء المحتملين لانتقال الوباء هم القردة الكبار كالشمبانزي أو الغوريلا، والأيائل أو القنافذ التي يعتبرها الصيادون «لحوم طرائد» في أفريقيا.
ويمكن أن يحصل الاتصال بين الإنسان والحيوانات المصابة بالعدوى بصورة عرضية أو ينجم عن الصيد.
وطرح عدد من النظريات لتفسير نشوء الوباء في أفريقيا الغربية.
وقال أوليفييه رينار الباحث في مجال الأوبئة في المركز الدولي لبحوث الأوبئة في ليون، «يعتقد الباحثون عموماً أن الوباء وصل قبل بضع سنوات فقط، ونقلته الخفافيش التي لا تصاب بالمرض».
وثمة تفسيران مطروحان، الأول هو وصول الخفافيش المصابة بالعدوى والمهاجرة من أفريقيا الوسطى، وهي حيوانات قادرة على اجتياز مسافات طويلة، أو العدوى التدريجية للسكان من الخفافيش الآتية من أفريقيا الوسطى إلى أفريقيا الغربية.
ويقول أندرو ايستون إن فرضية انتقال العدوى بواسطة إنسان مصاب في أفريقيا الوسطى «غير محتملة» لأن المنطقة الأولى المصابة المعروفة في غرب أفريقيا «معزولة» واتصالها بالخارج قليل.
ومن المحتمل أيضاً أن يكون الوباء موجوداً منذ سنوات بين الخفافيش في غرب أفريقيا وأن الظروف لتفشي الوباء لم تكن متوافرة من قبل.
وقال المركز الأوروبي للوقاية ومراقبة الأمراض إن أسباب هذا الوباء «لم تعرف بالكامل بعد» لكن «دخول الإنسان إلى غابات كانت من قبل معزولة... اضطلع بدور على الأرجح».
وفي دراسة صدرت الشهر الماضي، اعتبر باحثون في جامعة أوكسفورد أن أكثر من 22 مليون شخص كانوا يعيشون في مناطق بأفريقيا تتوافر فيها كل الظروف لانتقال وباء إيبولا من الحيوان إلى الإنسان، أي ما يعني انتشاراً أكبر بكثير مما كنا نتصوره حتى الآن.