استأثر الجانب المتعلق باعلان نائب وزير الخارجية الايراني حسين امير عبد اللهيان عن تبادل بلاده رسائل مع واشنطن في شأن مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية بأهمية طغت على الشق الآخر من تصريحه الذي قال فيه ان بلاده حذرت الولايات المتحدة من ان امن اسرائيل سيكون في خطر في حال سعت واشنطن مع حلفائها الى اطاحة بشار الاسد تحت مسمى الجماعات المتطرفة. فالشق الاول من هذا الموقف جديد من حيث الكشف عن حصوله فيما لا يزال ينفيه الاميركيون ربما تحت ذريعة عدم الرغبة في الاعلان عن التنسيق مع ايران الشيعية من اجل مواجهة جماعات سنية في العراق وسوريا. اما الموقف المتعلق بربط امن اسرائيل ببقاء الاسد فهو اعاد التذكير بموقف لابن خال بشار الاسد رامي مخلوف في الاشهر الاولى بعد انطلاق الانتفاضة الشعبية ضد النظام وبدء اهتزاز سيطرة النظام على قرى وبلدات سورية حين ربط استقرار اسرائيل باستقرار النظام في حديث ادلى به الى صحيفة النيويورك تايمس. واذ يتعذر على النظام اللجوء الى هذا المنطق الذي اثار وقتها الكثير من الجدل لجهة ما عناه من ضمان اسرائيل بقاء الاسد وسقوط الذرائع التي كان يتحصن بها النظام لاشاعة التمحور في ما يسمى محور الممانعة والمقاومة، بدا لافتا استخدام ايران المنطق نفسه كثابتة من ثوابت السياسة الخارجية لهذا المحور في الدفاع عن النظام وربط استمراره باسرائيل ومحاولة اغراء الغرب والولايات المتحدة بشكل خاص التي تعتبر امن اسرائيل وسلامها اولوية الاولويات في المنطقة بضرورة المحافظة على بقاء الاسد في السلطة. والموقف الايراني اذ يتم التوقف عند رمزيته، فانما يشدد على اعطاء الانطباع اكثر فاكثر بان ايران ممسكة بورقة النظام وببقائه وهي تقف في موقف من يدعم ورقته هو في الوقت نفسه من خلال استخدام الذريعة التي لطالما خدمت "فائدة" نظام الاسد بالنسبة الى الغرب.
خلال هذه السنوات الثلاث من عمر الازمة في سوريا غدا اكثر سهولة بالنسبة الى مصادر ديبلوماسية الكشف ان الاسد استمد احد مقومات بقائه من عدم رغبة اسرائيلية في رحيله، اذ ان اسرائيل لم تظهر حماسة ابدا لاندفاع الغرب نحو مد المعارضة السورية بالاسلحة التي تسمح لها بالتغلب على الرئيس السوري. وهي باتت اكثر راحة لاستمراره في موقعه الذي اشترى تمديدا عمليا له من خلال تسليم اسلحته الكيميائية والتخلي عنها الى الدول الغربية بعد الاتفاق الاميركي الروسي الذي قضى بوقف استعداد الولايات المتحدة لتوجيه ضربة عسكرية للنظام اثر تخطيه خطا احمر وضعه الرئيس الاميركي لاستخدام النظام اسلحة كيميائية ضد شعبه . وتاليا اسرائيل لا تمانع في بقائه رئيسا ضعيفا لا يملك القدرة على اعادة السيطرة على المدن والمناطق التي فقدها . ومع انه لم يزعجها مرة في الجولان الذي تحتله منذ اربعة عقود فانها ستكون في حل من البحث في ابقائه لوقت طويل جدا ما دامت سوريا مدمّرة ومفكّكة. ومصلحة اسرائيل ببقاء النظام تتلاقى في هذا الاطار مع مصلحة ايران مع فارق ان الاخيرة متورطة ماديا وعسكريا في سوريا دفاعا عن النظام على نحو يستنزفها فضلا عن مواجهة الدول العربية والغرب على هذا الاساس وعن توريط "حزب الله" في الدفاع ميدانيا ايضا عن النظام. كما تتلاقى مع جملة مصالح دولية واقليمية لخصوم متناقضين في الشأن السوري لا يرون، لاسباب واهداف مختلفة تعود لكل واحد منهم، ضرورة ماسّة لاحداث اي تغيير جوهري في الواقع السوري راهنا ويفضلون بقاء الستاتيكو الحالي.