غريب... إذا كان سقوط نظام بشار الاسد يمثل تهديداً لأمن اسرائيل كما قال مساعد وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان، فمن المفترض ان تعمل ايران على إسقاطه قبل المعارضة السورية، انطلاقاً من طروحاتها انها تحارب الكيان الصهيوني وتريد اقتلاعه، فلماذا هذا الحرص على أمن اسرائيل؟!
وغريب ان يقفز عبد اللهيان فوق ثلاثة عقود من الشعارات التي طالما صوّرت الاسد على أنه حليف أساسي ومهم في "محور المقاومة"، وانه يهدد اسرائيل ويتصدى للحلول الإستسلامية التي تحاول اميركا فرضها على الفلسطينيين والعرب، وفجأة أصبح سقوطه يهدد أمن اسرائيل!
عبد اللهيان يقول: "ان حدوث التغيير السياسي في سوريا ستترتب عليه تبعات كثيرة، وأننا قمنا بنقل هذه الرسالة بصورة جيدة الى اميركا، واذا كان من المقرر ان تجري سياسة تغيير النظام السوري عبر أداة مكافحة الإرهاب، فان الكيان الصهيوني لن ينعم بالأمن"، ولكأنه يعتبر ان هذا النظام يضمن أمن اسرائيل، ثم لماذا الحرص الايراني على هذا الأمن؟!
غريب ايضاً ان تبلغ ايران المستكبرين الاميركيين بموقفها، ولكأنها تريد استدعاء اسرائيل بطريقة غير مباشرة، للضغط على واشنطن لمنعها من العمل على اسقاط النظام السوري، ومعلوم ان طهران سارعت الى مضاعفة دعمها للنظام السوري، بعدما اعلنت واشنطن انها قررت دعم "الجيش السوري الحر" ورصدت لهذا الأمر نصف مليار دولار.
واضح ان القلق الإيراني بلغ مداه الأقصى حيال ما يبدو حتمية سقوط النظام السوري، وخصوصاً في ظل الإقتراب النسبي الاميركي - الأوروبي من مطالبة تركيا بالمنطقة العازلة وضرورة إسقاط الاسد مع "داعش"، لكن ليس من الواضح ماذا يمكن ان تفعل ايران للحيلولة دون خسارتها سوريا بعد ثلاثة عقود ونيف شكّل نظام الاسد خلالها قاعدة الجسر الايراني للوصول الى شاطئ المتوسط، ولمنافسة العرب في تبني القضية الفلسطينية، عبر "حزب الله" في لبنان وقطاع غزة الذي ينزلق من يدها الآن.
فعندما يقول عبد اللهيان: "ان ايران ستتخذ أي اجراء في اطار القانون الدولي لدعم حلفائها... وان تغيير النظام السوري بذريعة مكافحة "داعش" سيرتب عواقب وخيمة على التحالف واميركا والصهاينة"، يبدو كمن يلوّح بالتدخل بشكل أوسع في سوريا، وهذا يعني ان ايران قد تدخل في مواجهة مع تركيا المدعوة الى التدخل البري انطلاقاً من كوباني، والتي تريد إسقاط الاسد قبل "داعش".
طهران تقدم رأس الاسد شرط بقاء النظام: "نحن لا نريد ان يبقى الاسد الى الأبد، لكننا لن نسمح بإطاحة الحكومة السورية ومحور المقاومة"، هذه خيارات مُرّة بين أن تتوسع "داعش" في سوريا والعراق، او أن يتهاوى النظام مخلّفاً تداعيات تؤلم ايران إقليمياً.