يندر ان يستجيب المسؤول في العالم العربي والإسلامي الى صوت الضمير، هذا الصوت الذي غالبا ما يكون غائبا او مغيبا، في حين انه لا يزال الاعتماد على الضميرالشخصي او التدين الفردي يشكل الركيزة الاساسية كعامل رادع رئيسي في ثقافة مجتمعاتنا رغم ثبوت فشله,
يبقى ان في المجتمعات الأخرى حول العالم قد خرجوا نهائيا من أوهام الاعتماد على المواصفات الذاتية ( نزاهة- عدالة – تقوى – ضمير،،، ) وابتكروا هنالك اليات ناجعة احلّوها مكان ذلك الصوت الذاتي والنداء الداخلي الذي يستحيل على المجتمع اكتشاف فعالته او حتى وجوده او انعدامه، كي يشكل حاجزا ضروريا لمنع طغيان أي صاحب سلطة وباي مستوى كان فأحلوا مكانه ألية شفافة من الرقابة وبالتالي الخضوع للمطالبة والمحاسبة ان من قبل المؤسسات القانونية او حتى من خلال الشعب مباشرة عبر اسقاط أي مفسد او مقصّر
واما في لبنان فاننا نفتقد لكلتا الاليتين فلا الضميرعند المسؤولين حي وبالتالي يمكن الاعتماد عليه من اجل اصلاح ذات الحال، ولا الشعب اللبناني يمتلك ثقافة المحاسبة بعد ان مسختها ثقافة الاستزلام، فكيف لمستزلم ان يحاسب سيده؟
فكثيرا ما نسمع بان مسؤولا او وزيرا بريطانيا استقال بسبب فضيحة تافهة، او وزيرا فرنسيا قدم استقالته على خلفية علاقة غرامية ممنوعة, وواحدة من هذه الاستقالات المحترمة هي التي اقدم عليها منذ أيام وزيرالداخلية في الكيان العدو الإسرائيلي الغاصب غدعون ساعار ويعود سبب هذه الاستقالة فقط الى العلاقة السيئة وسؤ التفاهم بينه وبين رئيس الحكومة نتانياهو، فضلا عن الاستقالة التاريخية التي اقدم عليها بابا الفاتيكان بيندكت السادس عشر بسبب وضعه الصحي وتقدمه في السن
وبالعودة الى واقع حالنا المزري في لبنان، فان اخر ابداعات المسؤولين عندنا وبالخصوص نوابنا "الموقرين" وبعد مسيرة طويلة من الفشل الذريع واخفاقات كبرى في ممارسة الحد الأدنى من الدور المناط بهم، وفي ظل ظروف عصيبة تمر على المنطقة وفشل متفاقم في حل أي من مشكلات المواطنيين ، لا بل وعلى العكس من ذلك تماما فان هؤلاء النواب النوائب وخلفهم احزابهم هم سبب كل ازماتنا وتدني احوالنا، وبدل اقدامهم على استقالات جماعية هي اقل ما يتوجب عليهم ، هذا ان تغاضينا عن محاسبتهم ووضعهم بالسجون، فاننا نسمع كل يوم بان التمديد لهم صار امرا واقعا،
فمتى سيعي الشعب اللبناني، ان داعش ليست هي فقط أولئك المجرمون المشردون في جرود عرسال، بل هي أيضا مجرمون مشردون في ساحة النجمة وفي المجلس النيابي، وبان الخطر الفعلي هو من دواعش الداخل .