صباح اليوم، وفي احدى بلدات عكار، اطلق مسلحون يستقلون دراجة نارية النار على جنديين كانا في طريقهما الى مركز خدمتهما، فاستشهد احدهما وجرح الاخر. هذه الحادثة الخطيرة اثارت بطبيعة الحال العديد من المخاوف وجملة تساؤلات، خصوصا انها ليست الاولى من نوعها في الشمال على الخصوص، اذ سجلت قيادة الجيش ومنذ تموز الماضي 4 حوادث امنية خطيرة، ففي 1 تموز، فجرت عبوة ناسفة في منطقة باب الرمل في طرابلس بالقرب من موقع للجيش، وفي 5 اب الماضي فجرت عبوة اكبر لدى مرور حافلة للجيش في احد شوارع طرابلس مما ادى الى جرح 8 من ركابها، وفي 23 شهر ايلول الماضي اطلق النار على موقع للجيش في البداوي بالقرب من طرابلس مما ادى الى استشهاد عنصر، وصباح اليوم، سجل الحادث الاخير.
هذه الحوادث اذا ما اضيفت الى سلسلة عمليات اطلاق نار ورمي رمانات في شكل دائم على عناصر الجيش ومواقعه في طرابلس، فانها تفتح لدى المراقبين باب التساؤلات عما اذا كانت قد بدأت فعلياً حرب عصابات منظمة وذات اهداف على المؤسسة العسكرية وعناصرها، سواء كانوا في مواقعهم يؤدون واجبهم الوطني، أم وهم في طريقهم الى مراكز الخدمة، وذلك بهدف بلوغ اهداف عدة ابرزها:
- ارهاب المؤسسة العسكرية وثني قيادتها عن المضي قدما بما بدأته منذ فترة وهو مواجهة حرب الارهابيين المفتوحة على البلاد والعباد التي تتجلى اكثر ما يكون في عرسال البقاعية وجرودها.
- العمل على ايجاد شرخ بين الجيش وشريحة من المواطنين خصوصا بعد الحملة الاعلامية التي بداها سياسيون على الجيش تحت عناوين باطلة.
- تهيئة المناخات لفرض أمر واقع يسمح لبعض الرموز باقامة امارات لهم في بعض المناطق. ولا ريب ان قيادة الجيش باتت تتعاطى مع هذه الحوادث المتتالية والمتقاربة زمنيا ومكانيا على اساس انها ليست حوادث فردية عابرة، بل تنطوي على ابعاد بالغة الخطورة، اقل ما يقال فيها انها ترمي في هذه المرحلة الحرجة الى اشغال الجيش عن مهمته الملحة الحالية، وهي جبه هجمة الارهاب الذي فتح حربا حقيقية على الجيش ساعة هاجم مواقعه في عرسال وقتل عددا من عناصره واسر عددا اخر ما زال يبتز بهم ويسعى الى فرض شروطه على الساحة برمتها.
وفي كل الاحوال، ثمة معلومات تؤكد ان قيادة المؤسسة العسكرية شرعت في تنفيذ اجراءات وتدابير جديدة مشددة ترمي الى منع تكرار مثل هذه الاعمال الجبانة من جهة، وملاحقة الفاعلين الجناة بغية محاسبتهم من جهة اخرى، واستطرادا الحيلولة دون تمدد الارهاب الى عمق البلاد عبر ادوات وقوى داخلية اخذت على عاتقها مهمة قذرة وهي إلهاء الجيش عن مهمته الاساسية والتلاعب بالاستقرار والسلم الاهلي في بعض المناطق، لا سيما في الشمال، وأولاً وأخيراً، التغطية على ممارسات الارهابيين الاجرامية.