قبل الخوض بما آلت اليه الاحداث على الحدود اللبنانية الشرقية، ومن دون الدخول في التفاصيل وتضارب الاخبار عن حجم الخسائر التي تكبدها طرفي الصراع ( حزب الله – النصرة ) على تخوم بلدة بريتال ، ومنعا لاي التباس لا بد من التذكير أولا وكمقدمة ضرورية القول للمرة المليون ان داعش واخواتها من كل أصناف التطرف الديني هم حركات إرهابية مرفوضة جملة وتفصيلا وان معارضتنا لسياسات حزب الله وادائه لا يمكن ان يجرنا للحظة الى تبرير او غض النظر عن خطر هذا الإرهاب
اما بعد،
فان الخطرالداهم قد صار فعليا خلف الأبواب، وداخل الأراضي اللبنانية وعليه فمن غير المجدي الان الحديث عن السبب والمسببات وهل ان دخول حزب الله للقتال الى جانب النظام هو علة العلل في استجلاب هذا الخطر كما يقول البعض، ام ان هذه الحركات الإرهابية ليست تحتاج الى مبررات او مقدمات لتنفيذ بنود اجندتها وفي مقدمها التوسع والانتشار على مساحة جعرافيا الدول الإسلامية ومنها لبنان لفرض مشروعها العقائدي بقوة الحديد والنار والقتل والتشريد
لان هذا النقاش وفي هذه اللحظات لا يعني الا التلهي والانشغال عن أسباب الحريق فيما النيران تكاد تلتهم البيت وما فيه ومن فيه
وهنا لا بد من لفت نظر الى ان الاختلاف بيننا وبين حزب الله ليس هو حول تشخيص داعش والنصرة وان كانتا تمثلان خطرا فعليا او لا، وانما الخلاف هو حول كيفية حماية لبنان من هذا الخطر ليس الا، وعليه فالاعتراف هنا لا يجب وضعه في خانة الإقرار بصوابية خيار الحزب وبالتالي في خانة الاستثمار السياسي الرخيص خارج زمانه
كما وانه على حزب الله ان يؤسس فعليا وبخطوات ملموسة وسريعة (هو يعرفها جيدا ) ، انطلاقا من الشعور اللبناني العام واحساسهم العميق بالخطرالقادم، عبر القفز فوق كل الخلافات السياسية الداخلية والإسراع باجتراح حلول توافقية لكل المشكلات التي يمكن ان تشكل عائقا امام الوحدة الوطنية المطلوبة بشدة في هذه المرحلة الحساسة وعدم الاكتفاء بحمل شعار الدفاع المنفرد عن لبنان
فان كان من المتعذر في مرحلة الاحتلال الإسرائيلي من إيجاد اجماع وطني شامل حول جدوى وضرورة مقاومته ولأسباب تاريخية معروفة، مما يمكن ان برر لحزب الله وحلفائه حينها من التفرد في شرف حمل لواء المقاومة، على عكس ما هو حاصل من اجماع حول ضرورة التصدي للخطر التكفيري، وهذا الامر يرتب على الحزب مسؤولية تاريخية كبرى وهو مطالب بالأمس قبل اليوم للسعي الحثيث والعملي بالرجوع والانضواء تحت العباءة اللبنانية وان يكون واحدا من الاجتماع اللبناني ونسيجه السياسي على اختلافه ويقف مع الشعب اللبناني ودولته ويدافع عنه ويحميه من خلال قرار وطني عام عبر استراتيجية دفاعية ممكنة هذه المرة، هكذا فقط يمكن ان يقنعنا حزب الله بانه يحمي لبنان ولا يحتمي به .