بادرت النصرة السورية وهاجمت مواقع لحزب الله ووصلت الى جرود بريتال وحققت أهداف بشرية وميدانية وعادت الى جحورها راسمة بذلك تماساً جديداً بين المعارضة السورية وحزب الله جعل من لبنان شريكاً أساسيّاً في حرب طويلة ستستدعي المزيد من المساهمين فيها وستستنزف المقاتلين على جبهاتها من سوريين وأجانب .
ربما يقرّ البعض بمباغتة النصرة السورية لحزب الله وينفي الكثيرون انتصار النصرة في عرسال الورد وغيرها لأن المسألة ليست مجالاً للمقارنة بين فعل وردّ فعل بل هي اختبار لقدرات وخبرات آيلة الى التعديل في موازين القوى رغم الخلل القائم بين قوتين ونفوذين في ساحة مكشوفة لتفاصيل الحركة الميدانية وهي لا تخدم النصرة المختبئة رغم قدرتها على التحرّك هجوماً بأسلوب قلّدت فيه من ابتكر هذا العمل التقني في المقاومة ضدّ العدو الاسرائيلي .
اذاً ثمّة كشف عن بدء جديد في الصراع المحدود على الحدود السورية – اللبنانية تقوم به جماعة فقدت السيطرة على نفسها بعد أن سُكّرت في وجوهها الطرقات حتى الدروب الوعرة لن تسعف النصرة في البقاء داخل جرود لا حياة فيها حين يأتي الشتاء حاملاً قسوة الطبيعة . لهذا تسللت وخاضت معركة متقدمة مع مواقع حزب الله ولم يكن الهدف هو احتلال موقع تتواجد فيه عناصر محدودة بل توهين الحزب الذي لا يقهر ودفعه الى التجاوب مع المقايضة التي تنجيهم من أسر الطبيعة بعد أن عُطلت مساعي التوصل الى حلّ مُستصعب نتيجة لحسابات متعددة .
فالنصرة لا تريد من المقايضة مع الحكومة سوى الخروج من جليد الحدود ضمن خطّة سير آمنة وضامنة لمسلحيها مخافة اصطيادهم من قبل نسور الجو السوري وهذا مالا تسطيع الحكومة توفيره ويبدو أن الشباك المنصوب للنصرة مخروم بالنسبة لها . لهذا تدفع بعنفها الى الواجهة للضغط على المعنيين اللبنانيين للتجاوب معها وتسهيل مرورها دون خداع أو نصب لشرك كما حصل في القصير عندما ضرب النظام السوري بطائراته الاتفاق القاضي بخروج المسلحين من القصير مقابل تأمين سلامتهم في الطرقات التي سيعبرونها .
أعتقد أن النصرة قد أخطأت في حساباتها مع حزب الله لذا لن تجد الحزب ايجابياً معها بل سيدفع بقوته للتخلص من النصرة ومهما كانت الكلفة لأن المسألة باتت مسألة مرتبطة في الأمن وليست في السياسة ولهذا لن يعدم حيلة الاّ وسيستخدمها ضدّ النصرة التي باتت قريبة منه جدّاً في منطقة وعرة يصعب حراستها بطريقة مُشددة أو تغطيتها بالكامل .
يبدو أن لاسرائيل اصبعاً فيما يجري بين النصرة السورية وحزب الله وستكشف لنا الضربة الاسرائيلية المرتقبة على ضوء العبوتين في شبعا حجم هذا الاصبع وحجم الأهداف المطلوبة في لبنان ليكون سوريّاً أو عراقياً لا لبنانيّاً مساهماً وبقوّة في حربهما المفتوحة على توازنات اقليمية جديدة .