فشل مخطّط «داعش» والنّصرة» في عرسال لينتقل في اليومين الأخيرين إلى جبهة أخرى في سلسلة لبنان الشرقية هي بريتال. بدا واضحاً أن الفشل في عرسال لم يشكل رادعاً لهذه المجموعات بل صار دافعاً لها للتفتيش عن معارك جديدة ـ ثغرات تتيح لها تحقيق مكاسب جغرافية في لبنان.
ويرى المحللون العسكريون أن الحفاظ على التوتر في جبهة عرسال هو استراتيجية هادفة لحرف الأنظار، بينما تصبّ مخططاتها في مكان آخر.
ويقول نائب رئيس الأركان للعمليات سابقاً في الجيش اللبناني اللواء الركن (المتقاعد) عبد الرّحمن شحيتلي أنّ ثمّة 3 مخططات رئيسيّة لهذه الجماعات: أولاها، «غزوة عرسال» التي فشلت، وثانيها خرق جبهة النّبي شيت – بريتال (البقاع الأوسط) بغية تحقيق انتصار في القلمون من الجهة اللبنانية ثمّ الوصول الى رياق، ما يحقق انتصاراً على «حزب الله» والجيش اللبناني معاً ويتيح تقسيم البقاع الى شطرين: أوسط وشــمالي.
يعتبر شحيتلي أن مصير الاحتمال الأخير هو الفشل، اذ أن هذه المجموعات «تحتاج الى حشد مقاتل كبير جدّاً، وهي تقع تحت مرمى صواريخ ومدفعيّة «حزب الله» في القلمون. ويعلّق على ما جرى الأحد الفائت في بريتال بأنه كناية عن «تجميع لجهود دفاعية قام بها «حزب الله» في هذه المنطقة بعد أن قام الجيش بتجميع جهوده في منطقة عرسال، وذلك لكي يتسنّى للإرهابيين التسلّل الى منطقة العرقوب (كما يخططون) من دون إمكانيّة للدفاع عنها». مشيراً إلى أنه من الصعب أن ينجح هذا السيناريو «لأنّ البروباغاندا التي يعتمد عليها الإرهابيون استهلكت وتلاشت».
أما السيناريو الثالث، فمن المحتمل أن يكون قيد التنفيذ، ويكمن في دخول مجموعات صغرى باتجاه منطقة مجدل عنجر وجوارها والتوغل من منطقة غرب دمشق باتجاه منطقة العرقوب وتحديداً بين طريق الجامعة العربية حتى منطقة راشيا، وهذا السيناريو خطر لأنّ المنطقة فارغة من السكان (المسيحيون قلّة والسنّة مهاجرون) مع وجود كثيف للنازحين السوريين، وهذه المنطقة خارجة عن التّماس مع القرى الشيعية، وما يحكم المنطقة العسكرية هو الوجود الإسرائيلي في جبل الشيخ، وإذا تمّ هذا الهجوم فسيكون بغطاء إسرائيلي حيث يلعب الإرهابيون ورقة مشتركة مع إسرائيل.
ويقول شحيتلي إن هذا السيناريو «إذا وقع ستكون له أهداف سياسية واستراتيجية كبرى لأنه يدخل إسرائيل الى مسرح العمليّات مع قوات الائتلاف الدولي ضدّ داعش».
ويقدم شحيتلي اقتراح حلّ تقوم بموجبه الدّولة اللبنانية بحسم أمرها وتوكل مهام الأمن الداخلي الى قوى الأمن والأجهزة الأمنية الأخرى، على أن يضطلع الجيش اللبناني بالأدوار الرئيسية الموكلة إليه في محاربة الإرهاب والدفاع عن الحدود من دون التلهّي بشؤون داخلية تستنزف قدراته فيتفرّغ الى مهمّته الأساس بحماية الحدود ومواجهة الإرهاب.
والمطلوب بحسب شحيتلي، أن ترفع القوى السياسية الغطاء عن التجاوزات والمخالفات حتى يتولّى الجيش اللبناني تجميع وحداته ويبقي على وحدات احتياط في المناطق لمؤازرة قوى الأمن الداخلي عند الضرورة فيتفرّغ لحماية الحدود الجنوبية والشرقية والشماليّة.
ويلفت شحيتلي الانتباه إلى أن الجيش اللبناني «أثبت أنه جيش متماسك وهو قاتل بشراسة وحرفيّة وصدّ هجوم إرهابيين يستفيدون من بقع جغرافية مؤاتية لهم وأثبت أن «بروباغاندا» الخوف والذعر التي استخدموها في العراق وسوريا لا مفعول لها في لبنان».