تزداد المواجهة حدّة بين حزب الله وحلفائه من جهة وبين التيارات الاسلامية المتشددة وخصوصا تنظيم داعش وجبهة النصرة وحلفائهما من جهة اخرى،وتأخذ هذه المواجهة اشكالا متعددة فكرية وسياسية وامنية وعسكرية وفي العديد من الساحات وخصوصا سوريا ولبنان والعراق، وقد تمتد لساحات اخرى في دول المنطقة وعلى مستوى العالم كله.
ويتزامن هذا الصراع بين الطرفين مع دخول اميركا وحلفائها من دول عربية وغربية في حرب جديدة في المنطقة ضد تنظيم داعش، وهناك علامات استفهام كبيرة حول هذه الحرب واهدافها ونتائجها وهل ستقتصر فقط على داعش ام ستطال ايضا حزب الله وايران وسوريا ومن ورائهم روسيا بهدف اقامة ترتيبات جديدة على صعيد النظامين الاقليمي والدولي.
وقد وقف حزب الله وحلفاؤه وخصوصا ايران وروسيا وسوريا في موقف المرتبك والحائر ازاء هذه الحرب وكيف سيتعاطى معها ومع نتائجها.
واما على صعيد تعاطي حزب الله مع التيارات الاسلامية المتشددة فقد اعتبرها العدو الثاني المركزي بعد العدو الصهيوني وقد جنّد لقتالها ومواجهتها كل الامكانيات والقدرات، كما لوحظ ان الحزب والمؤسسات الرديفة له او المتعاونة معه بدأت عقد العديد من الندوات واللقاءات والمؤتمرات العامة والخاصة من اجل دراسة هذه التنظيمات وفهم استراتيجياتها واساليب عملها والبحث في كيفية مواجهتها، كما تتناول الدراسات والابحاث كل الساحة الاسلامية السنية وهناك مراجعات شاملة لكل ما جرى وما يجري وخصوصا خلال السنوات الاخيرة،كما صدرت مؤخرا العديد من الكتب والدراسات والابحاث حول التيارات السلفية الجهادية ومسألة الكفر والتكفير.
اذن نحن امام معضلة ومشكلة غير تقليدية، فلاول مرة يواجه حزب الله عدوا من جنسه ويعمل وفق رؤى وافكار واساليب ليست بعيدة عن رؤاها او اساليبه مع بعض الاختلافات في الاولويات والاداء ، اضافة لبعض الخلافات الفقهية والفكرية والدينية.
ويبدو ان المواجهة ستزداد شراسة وقوة في الايام المقبلة وما يجري في العراق وسوريا وفي المناطق الحدودية اللبنانية دليل واضح على ذلك، واما الحرب التي تشنها اميركا وحلفاؤها ضد تنظيم داعش واخواته فليس هناك وضوح حول اهدافها وخطتها وافقها المستقبلي، وحتى الان لا يبدو ان هذه الحرب حققت اهدافا مهمة باستثناء الاحتواء المحدود لداعش في بعض المناطق العراقية.
والازمة التي يواجهها حزب الله انه يخوض حربا ضد هذه التنظيمات الاسلامية المتشددة وفي الوقت عينه تخوض هذه التنظيمات حربا ضد اميركا وحلفائها، كما ان افق المعركة غير واضح وليس هناك افق للنهاية القريبة، وهذه الحرب تذكرنا بالحرب الطويلة بين العراق وايران في الثمانينات من القرن الماضي والتي لم تنته الا بعد سبع سنوات وسقوط الملايين من الضحايا والخسائر بمئات المليارات من الدولارات وتدمير البلدين وفي النهاية تم الوصل لاتفاق لوقف اطلاق للنار.
فهل يمكن اليوم سواء بالنسبة لحزب الله او لهذه التيارات والتنظيمات الاسلامية المتشددة البحث عن افق جديد للعلاقة بينهما غير القتال والمواجهة؟ ام اننا سنظل محكومين بالصراع دون حل قريب او افق محدد للنهاية؟
لا يستطيع احد ان يكون محل احد الطرفين في التفكير والبحث عن حلول اخرى، لكن قد يكون مفيدا التأكيد ان كل الصراعات الداخلية او بين المسلمين او بين القوى المحلية لم تنته الى نتيجة ايجابية والكل سيذهب الى التسوية والاتفاق اخيرا ، اما الصراع مع العدو الخارجي سواءا كانت اميركا او اسرائيل او القوى المستعمرة فهو رابح رغم كل التضحيات والشهداء.
ولذا قد يكون مهما ان نعيد البحث ودراسة كل ما يجري بهدوء عسى ان نصل الى حلول اخرى لهذه الازمة المعقدة.
قاسم قصير