في القراءة السياسية الاولية لجملة مواقف تداخلت بين الداخلي والاقليمي والدولي تتعلق بانتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية بعد الفراغ الرئاسي الذي جاوز الاربعة اشهر حيث يتعرض البلد الى ضغوط تتجاوز قدرته على امكانية الخروج منها باقل كلفة ممكنة وتبدأ باقرار سلسلة الرتب والرواتب ونحن على ابواب العام الدراسي المهدد بالتعطيل
ولا تنتهي بمأساة العسكريين المخطوفين من قبل جماعات ارهابية تهدد الامن والاستقرار وقد تعرض البلد الى حرب مذهبية سنية ـ شيعية , يبرز
شريط للاحداث بدأ من لقاء رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام مع الرئيس
الايراني الشيخ حسن روحاني في نيويورك على هامش اعمال الجمعية العمومية للامم المتحدة الاسبوع الماضي حيث كشف الرئيس سلام عن طلبه من الرئيس الايراني مساعدة الجمهورية الاسلامية الايرانية للبنان في انجاز ملف انتخاب رئيس جديد للجمهورية مؤكدا ان جو اللقاء كان ايجابيا , وترتب على هذا اللقاء الزيارة الخاطفة التي قام بها الامين العام للمجلس الاعلى للامن القومي الايراني / علي شمخاني /برفقة وفد ايراني رفيع المستوى الى لبنان حيث التقى عدد من المسؤولين اللبنانيين من بينهم الرئيس تمام سلام حيث اكد شمخاني اثر هذه الزيارة انه يحمل معه هبة عسكرية ايرانية كعربون محبة تساعد الجيش اللبناني الباسل في حربه ضد الارهاب مؤكدا على ان ما يهم ايران يشكل اساسي هو تثبيت الامن والاستقرار على الساحة اللبنانية
وان ليس هناك خط احمر يحول دون ترسيخ العلاقات الثنائية بين البلدين .
وتجدر الاشارة الى ان شمخاني هو مهندس التسوية العراقية التي قضت باخراج نوري المالكي وتعيين حيدر العبادي رئيسا للحكومة العراقية , مما يعطي اللبنانيين جرعة من الامل بانه قد يتولى اي شمخاني هندسة تسوية لبنانية لازالة العراقيل التي تحول دون انتخاب رئيس جمهورية , حتى يتم انجاز هذا الاستحقاق باقل كلفة وبالسرعة
الممكنة ودونما اي تأخير .
ومما زاد من مخزون التفاؤل عند الشعب اللبناني على اختلاف مكوناته الطائفية والمذهبية والسياسية والحزبية انه لم يمر اكثر من يوم واحد على زيارة الوفد الايراني للبنان حتى قام يوم امس الاول وفد من
حزب الله برئاسة رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد يرافقه
الوزير حسين الحاج حسن والنائب علي عمار ومسؤول لجنة التنسيق
والارتباط في الحزب الحاج وفيق صفا بزيارة الى رئيس اللقاء الديقراطي
النائب وليد جنبلاط في منزله في كليمنصو وتم اللقاء بحضور الوزير وائل ابو فاعور والنائب غازي العريضي .
وعلى اثر اللقاء قال النائب محمد رعد انه تم التأكيد مع النائب جنبلاط
على ضرورة اجراء الانتخابات الرئاسية في اسرع وقت ممكن , لأن البلاد
تحتاج الى رئيس جمهورية يقوم بمهامه الدستورية , مشيرا الى ان
الاراء تلاقت على ما يصب في مصلحة اللبنانيين ومن ناحيته لفت جنبلاط الى ان لقاءه مع وفد حزب الله كان ممتازا وجرى البحث في امور داخلية وخارجية .
وفي السياق ذاته اكدت مصادر قريبة من حزب الله ان لقاء كليمنصو
كان جيدا وتعليقا على زيارة شمخاني الى لبنان اجابت المصادر اياها
ان الايرانيين يشجعون دائما على انتخاب رئيس للجمهورية , وموقف الحزب كان دائما ولا زال ان امام اللبنانيين فرصة لانتخاب رئيس صنع
في لبنان .
واشارت مصادر مطلعة الى ان جنبلاط حاول اطلاق دينامية داخلية على قاعدة تحريك الساحة الداخلية للاسراع في انتخاب رئيس جمهورية بدأت بايفاد النائب اكرم شهيب لزيارة العماد ميشال عون
ومن ثم لقاء جنبلاط مع الرئيس فؤاد السنيورة ونادر الحريري .
ومن جهته العماد عون اعلن انه منفتح على الحوار بشأن الانتخابات
الرئاسية نظرا الى اهمية الرئيس المقبل على صعيد لبنان ومسيحيي
الشرق .
يبدو من شريط الاحداث هذا ان عربة انتخاب رئيس جديد قد وضعت على السكة وقد تمر بعدة محطات ترجمتها على الارض لقاءات بين
قوى حزبية فاعلة ومرجعيات دينية وسياسية حتى تصل هذه العربة
بسلام الى المحطة النهائية في قصر بعبدا . والظاهر ان احد ركاب هذه
العربة الوزير السابق جان عبيد الذي يجول بعيدا عن الاضواء والاعلام
حتى لا تحترق اوراقه كما احترقت اوراق غيره .
طانيوس علي وهبي