لافتة كانت العبارة التي قالها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابرهيم قبل أيام عن تحرك أهالي العسكريين وقطعهم الطرق: "اذا كان الاهالي اختاروا تنفيذ شروط الخاطفين فهذه كارثة... الملف يسير على الطريق الصحيح ولا نريد ارباكاً من خلال التحركات". فمعاناة الأهالي مفهومة ومبررة، وحياة أبنائهم في خطر ولا يعرفون ما اذا كانوا سيعودون سالمين اليهم أم لا. لكن ثمة سؤالاً أصبحت الاجابة عنه شبه مؤكدة: من يحرّك أهالي العسكريين ويطلب منهم قطع الطرق والمقايضة، وبالتالي التصعيد في وجه الحكومة؟
وفق مصادر عسكرية ان ثمة رصداً لاتصالات ورسائل على الهواتف المحمولة بين الخاطفين وأهالي العسكريين المخطوفين، تدعو الاهالي الى التحرك وقطع طرق محددة، مع تأكيد الخاطفين أنهم سيدعون الاعلام الى تغطية تحركات الأهالي، علماً ان بعض هذه الرسائل نشر على مواقع التواصل الاجتماعي. فمن اين للخاطفين أن يدعوا الاعلام اللبناني الى تغطية تحركات الأهالي؟
ويلفت مصدر الى ان ثمة تنسيقاً مع "جبهة النصرة" عبر التحركات المنظمة لأهالي العسكريين، وتهديدهم بأن السكين على رقبة أبنائهم. اذاً، تستعمل الجبهة العسكريين الرهائن ورقة ضغط لصرفها في الداخل اللبناني وفي موضوع المقايضة. ولا يخفي المصدر دهشته من بيانات "جبهة النصرة" المكتوبة بعناية وبأسلوب سياسي، وكأنها تعرف الداخل اللبناني خير معرفة.
وفي موازاة التحركات والضغط، بدأت المفاوضات لإطلاق العسكريين تسير في الطريق الصحيح، وهو غير طريق البلبلة التي يحاول الخاطفون احداثها وارباك الحكومة بها لحملها على التنازل في المفاوضات والشروط. فمطالب الخاطفين ترتبط مباشرة بعرسال واللاجئين فيها، أي بتوقيف الجيش عمليات دهم مخيمات عرسال التي تؤوي ارهابيين، وطمأنة اللاجئين، وألا تحصل عمليات عسكرية، اضافة الى عودة الامور الى ما كانت عليه في السابق، اذ ان عرسال تعتبر الشريان الحيوي شبه الوحيد لمعركة الارهابيين مع الجيش السوري و"حزب الله" في القلمون. علماً ان مصادر عسكرية تجزم بعدم القبول بعودة الامور الى عرسال في ما كانت عليه قبل 2 آب.
واذا كانت الحكومة اللبنانية معنية بالمفاوضات، وكذلك قطر، يسأل أحد المتابعين، هل من دور ما لسوريا و"حزب الله" في موضوع المفاوضات والمقايضة، وخصوصاً ان الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله أعلن في خطابه الأخير تأييده المفاوضات وطالب بإظهار أوراق قوة؟
وثمة كلام لمصادر عن امكان حصول مقايضة يقوم بها "حزب الله" تقضي بتبادل أسرى لـ"النصرة" وقعوا في يد الحزب من ساحات القتال في القلمون، وهم الأهم بالنسبة الى مقاتلي الجبهة في لعبة التفاوض والمقايضة، بقدر أهمية سجناء رومية.
اما في ما يتعلق بسوريا، فيسأل المصدر هل يمكن ان يأتي الحل من سوريا بإطلاق العسكريين، على غرار ما حصل في تحرير مخطوفي أعزاز وراهبات معلولا، ومبادلتهم بمعتقلين في السجون السورية؟
اما تركيا فأين دورها؟ يمكن ان تؤدي دوراً لاحقاً وليس الآن، اذ انها ترفض الخوض في موضوع العسكريين المخطوفين، مؤكدة أن لا علاقة لها مع المجموعات الخاطفة، وهي لا تريد تكرار تجربة مخطوفي اعزاز وتعريض مواطنيها للخطر كما حصل سابقاً وخطف اثنان من مواطنيها في لبنان. أما دورها، ودائماً وفق احد المصادر، فيكمن في موضوع مخيمات اللاجئين في عرسال، حيث الكلام على محاولة نقلهم الى مكان آخر. فتركيا تسعى الى الحصول على منطقة عازلة، يمكن أن تضع فيها اللاجئين تحت رعاية دولية.
(ألين فرح - النهار)