لا يمكن الحديث عن وجود مؤسسة كهرباء في لبنان. بالنسبة الى اللبنانيين هذه المؤسسة خردة للكسر، فقد وصل العجز الذي تكبّده للخزينة الى ثلث الدين العام اي اكثر من عشرين مليار دولار، من دون تحسن في ساعات التغذية.
"التحسن" الوحيد الذي راقبه الناس هو الاضرابات والمطالب التي طرحها موظفو المؤسسة - الدكان والمياومون وأجراء الإكراء، الذين لم يكتفوا بإقفال ابواب المؤسسة على إدارتها وجعل المكان محرقة للإطارات، بل غالباً ما قطعوا الطرق على المواطنين ووصل الأمر ببعضهم الى التهديد بإحراق نفسه إن لم ينل مطالبه ووضعت اصابع التهديد والوعيد في عيون المسؤولين المصابة بالميوب السياسي كي لا أقول بالعمى.
يستحق الوزير علي حسن خليل التحية عندما يفجر قنبلة من الفضائح المخزية التي يفترض ان تكهرب هذه الدولة المسخرة وبالتوتر العالي، ولكن من المؤكد ان شيئاً لن يتغير وخصوصاً عندما يقول وزير المال لجريدة "السفير" بالحرف": ان في وسع مافيا الكهرباء ان تسقط الدولة اللبنانية"!
لو لم تكن الدولة اللبنانية سقطت او أُسقطت منذ زمن بعيد لما كانت قامت مافيا الكهرباء ولما بات في وسعها إسقاط الدولة، ولكن أن تصل الفضيحة ان المؤسسة تكبّد الخزينة سنوياً ٥١٪ من العجز الإجمالي، من دون ان يحصل المواطن على تيار كهربائي، فذلك يعني اننا لسنا امام مؤسسة بل امام مبرد نلحسه نحن القطط الغبية، التي لم تنزل فتقفل بالقوة هذه الدكاكين التي تكهرب البدن!
برافو علي حسن خليل الذي لم يكتف بكشف المافيا بل حدد مجال سرقاتها والنهب حيث الهدر الفاضح في شحن الفيول وفي النقل وفي المعامل وفي الشبكات وفي التوزيع وفي التلزيمات، وهو ما يجعل عجز المؤسسة في حدود الأرقام الفلكية اي ٣٠٩٧ مليار ليرة في السنة وصحتين على قلوب السارقين او بالأحرى "دواعش" الكهرباء!
ما لا يصدّق ان الوزير اكتشف انه لم يكن هناك من مستند قانوني معتمد يجيز لوزارة المال تحويل الاعتمادات الى الكهرباء، فهل هذا يعني ان كل الوزراء الذين سبقوه، وبعضهم وعد الناس بالتيار (نعم التيار) ٢٤ على ٢٤ وجاءنا بالبواخر من غير شرّ، كانوا يعملون على طريقة تجار الكشّة وانهم غرفوا من بئر بلا حسيب او رقيب او حتى ضمير؟
وما لا يصدّق ان الفيول لا يزال يستورد عبر دكاكين لا من دولة الى دولة كما سبق ان تقرر، وكذلك ان التلاعب وتأخير مواعيد تسديد الفواتير باب للسرقة الأكيدة وقد كبّدنا ٣٠٠ مليون دولار فقط لا غير، وان هناك عقداً بالمليارات يتجدد تلقائياً كل سنة.
ان كان في لبنان شعب عليه اقفال هذه المؤسسة الخردة فوراً!