ثمة في المشهد السياسي المعطل منذ تعطيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، والمعلق أخيرا على ملف العسكريين المخطوفين، ما يؤشر الى خرق ما يجري الإعداد له من اجل كسر حالة الجمود والشلل التي تهدد البلاد بفراغ كلي يوقعها في المحظور الأمني والاقتصادي والمالي، إذا ما استمر التعامل بإستخفاف مع الاستحقاقات الداهمة.
لا شك ان زيارة رئيس الحكومة تمام سلام الى نيويورك حيث شارك في إجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة وأجرى لقاءات ثنائية مع عدد غير قليل من الرؤساء وقادة القرار في العالم، ساهمت في إعطاء الرجل الدفع السياسي الذي كان يحتاج اليه لتحصين موقعه على رأس حكومة محفوفة بالتناقضات بين مكوناتها وعاجلة عن إدارة إئتلافها القسري الذي فرض ولادتها قبل نحو عام ونصف العام. أبرز التباينات التي تكاد تطيح الحكومة تتمثل في ملفين اثنين هما في الواقع ثمرة الأزمة الأساسية التي يواجهها لبنان منذ اندلاع الحرب السورية وانخراط حزب الله فيها وتمدد التنظيمات التكريرية والإرهابية الى الداخل اللبناني.
احد هذين الملفين هو ملف اللاجئين السوريين الذي يثقل على الساحة اللبنانية على أكثر من محور وجبهة . فيما يتمثل الملف الثاني بقضية العسكريين المختطوفين المفتوح على جرح نازف منذ شهرين والذي سقط ضحية الانقسام السياسي حيال مسؤولية الحكومة وصلاحياتها في مفاوضة الخاطفين.
وقد بدأ سلام فور عودته سلسلة من الاتصالات مع الوزراء في حكومته لإستطلاع موقف كتلها السياسية حيال معالجة هذين الملفين على مسافة يومين من جلسة مجلس الوزراء المقررة الخميس والتي ستتناول هذه الملفين انطلاقا من اقتراح وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق إخراج اللاجئين من بلدة عرسال وإقامة مخيمات لهم، الأمر الذي يواجه اعتراضا شديدا من فريق سياسي داخل الحكومة يمثله التيار الوطني الحر .
أما على صعيد ملف العسكريين، فعلم ان ثمة اتجاه يدعمه تيار " المستقبل" يرمي الى تولي رئيس الحكومة ملف التفاوض من اجل إخراجه من التجاذب القائم حياله خصوصا بعدما دخل أهالي العسكريين على خط القضية من باب رفع الصوت ومطالبة الدولة بقبول مبدأ المقايضة من اجل إعادة أبنائهم سالمين محملين الحكومة والقوى السياسية فيها مسؤولية المماطلة لحسابات خاصة عبى ما يصرح هؤلاء أمام الإعلام .
وينتظر ان يشكل هذا الموضوع الذي سيطرح من خارج جدول أعمال الجلسة مادة ساخنة للنقاش باعتبار ان سلام يحتاج الى تفويض من مجلس الوزراء لتولي الملف ووضع آليات التفاوض وتحديد الجهات والأجهزة التي ستتولى الأمر.